للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء في (دلائل الإعجاز): " ثم أعلم أنك إذا استقريت وجدتها أقوى ما تكون وأعلق ما ترى بالقلب إذا كان لا يراد بالكلام بعدها نفس معناه ولكن التعريض بأمر هو مقتضاه نحو أنا نعلم أن ليس الغرض من قوله تعالى: {إنما يتذكر أولوا الألباب} أن يعلم السامعون ظاهر معناه ولكن أن يذم الكفار وأن يقال: إنهم من فرط العناد، ومن غلبة الهوى عليهم في حكم من ليس بذي عقل ..

ثم إن العجب في أن هذا التعريض الذي ذكرت لك لا يحصل من دون (إنما)، فلو قلت: يتذكر أولو الألباب لم يدل على ما دل عليه في الآية .. وإذا اسقطت من الكلام فقيل (يتذكر أولو الألباب) كان مجرد وصف لأولى الألباب، بأنهم يتذكرون ولم يكن فيه معنى نفي للتذكر ممن ليس منهم ..

فالتعريض بمثل هذا أعني بأن يقول (يتذكر أولوا الألباب) بإسقاط (إنما) يقع إذن أن وقع بمدح إنسان بالتيقظ وبأنه فعل ما فعل، وتنبه لما تنبه لعقله ولحسن تمييزه، كما يقال: كذلك يفعل العاقل وهكذا يفعل الكريم" (١).

قال ابن يعيش: " ومعناها التقليل فإذا قلت: إنما زيد بزاز، فأنت تقلل أمره وذلك أنك تسلبه ما يدعي عليه غير البز، ولذلك قال سيبويه في " إنما سرت حتى أدخلها" أنك تقلل" (٢).

وجاء في (الأصول): "والفرق بين إن وإنما في المعنى أن (إنما) تجيء لتحقير الحبر قال سيبويه: تقول: إنما سرت حتى أدخلها إذا كنت محتقرًا لسيرك إلى الدخول" (٣).


(١) دلائل الإعجاز ٢٧٢ - ٢٧٣، وانظر شرح المختصر ٨٧
(٢) ابن يعيش ٨/ ٥٦
(٣) الأصول ١/ ٢٨٣ - ٢٨٤، وانظر الكتاب ١/ ٤١٥

<<  <  ج: ص:  >  >>