للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء في (كتاب سيبويه): واعلم أن لعل وكأن وليت ثلاثتهن يجوز فيهن جميع ما جاز في أن إلا إنه لا يرفع بعدهن شيء على الابتداء، ومن ثم اختار الناس (ليت زيدًا منطلق وعمرا) وقبح عندهم أن يحملوا (عمرا) على المضمر، حتى يقولوا (هم) ولم تكن ليت واجبة ولا لعل ولا كأن فقبح عندهم أن يدخلوا الواجب في موضع التمني، فيصيروا قد ضموا إلى الأول ما ليس على معناه بمنزلة (أن) و (لكن) بمنزلة إن " (١).

وأنت لو استقريت ما ورد في القرآن الكريم لوجدت المعنى على ما ذكرت قال تعالى: {وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله} [التوبة: ٣]، برفع (رسوله) معطوفة على لفظ الجلالة المنصوب، وسر ذلك أن براءة الرسول تابعة لبراءة الرب سبحانه فهي أقل توكيدًا منها وليستا بمنزلة واحدة، لأن الأصل براءة الله سبحانه، أما براءة الرسول فهي براءة تبعية ولذلك وردت كذلك، والله أعلم.

ونحوه ما جاء في قوله تعالى: {إن الذين أمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين} ذلك أن الصابئين لما كانوا أبعد المذكورين ضلالا كما ذكر المفسرون خولف في توكيدهم فكانوا اقل توكيدًا.

وقد تقول: لقد ورد مثل هذا التعبير في سورة البقرة فلم يجيء بالرفع فما الفرق؟

وها أنا أذكر ذلك موضحا الفرق:

١ - جاء في سورة المائدة ٦٩: {إن الذين أمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون}.

٢ - وجاء في سورة البقرة ٢٦٢: {الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون}.


(١) سيبويه ١/ ٢٨٦

<<  <  ج: ص:  >  >>