للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأظن أن المقصود بقولهم أنها بمعنى (قد) أنها تفيد توكيد الجمل الفعلية إذا دخلت عليها لا أنها بمعنى (قد) تماما وذلك لأنها تختلف عنها.

فإن (قد) فيها معنى تقريب الفعل والتوقع، وإما أن هذه فلمخص التوكيد ليس فيها توقع أو تقريب. ثم إن الأكثر في (قد) إذا دخلت على المضارع أن تفيد التقليل بخلاف هذه التي لاتفيد غير التوكيد وذلك كقوله تعالى: {وإن يكاد الذي كفروا ليزلقونك بأبصارهم} [القلم: ٥١].

قال الليث: " إذا وقعت إن على الأسماء والصفات (١) فهي مشدودة، وإذا وقعت على فعل أو حرف لا يتمكن في صفة أو تصريف فخففها، تقول: بلغني أن قد كان كذا، وكذا وتخفف من أجل (كان) لأنها فعل .. وهي مع الصفات مشددة إن لك وأن فيها وأن بك وأشباهها" (٢).

وجاء في (التفسير الكبير) في (إن) هذه أنها " تفيد توكيد المعنى في الجملة بمنزلة (إن) المشددة كقولك: إن زيدًا لقائم، قال الله تعالى: {إن كل نفس لما عليها حافظ} [الطارق: ٤]، وقال: {إن كان وعد ربك لمفعولا} ومثله في القرآن كثير.

والغرض في تخفيفها إيلاؤها ما لم يجز أن يليها من الفعل، وإنما لزمت اللام هذه المخففة للعوض عما حذف منها والفرق بينها وبين التي للجحد" (٣).

والذي يبدو لي أن (إنْ) المخففة هذه تختلف عن الثقيلة في توكيدها واستعمالها.

أما من حيث الاستعمال فهي تدخل على الجمل الفعلية والإسمية وذلك أنه قد يراد توكيد الحدث الفعلي فيؤتي بأن المخففة بخلاف (إنّ) التي لا تؤكد إلا الجمل الإسمية وذلك كقولك (أن كنا لفاعلين) و (أنا كنا فاعلين) فأنت تلحظ أن الأولى أكدت الحدث


(١) المقصود بالصفات هنا حروف الجر وهو مصطلح كوفي.
(٢) لسان العرب (إذن) ١٦/ ١٧٠ - ١٧١
(٣) التفسير الكبير ٤/ ١١٨

<<  <  ج: ص:  >  >>