الفعلي بخلاف الثانية فإن الاهتمام منصب على فاعل الحدث، وصاحبه لأعلى الحدث الفعلي.
إن (إنْ) المخففة تمكننا من إيقاع الجملة الفعلية في حيز التوكيد، كما تفعل (إنّ) مع الجمل الإسمية ولذلك هي تختلف عنها في استعمالها، وذلك بحسب الحاجة والقصد، فإن كنت ترمي إلى توكيد الحدث الفعلي، جئت بإن، وإن أردت توكيد الجملة الإسمية جئت بإن.
أما من حيث التوكيد فالذي يبدو لي أنها أقل توكيدًا من الثقيلة، والذي يدل على ذلك أمور منها:
١ - أن تخفيف نونها يشير إلى تخفيف توكيدها مشبهة في ذلك نون التوكيد الخفيفة. وقد ذكر النحاة أن نون التوكيد الثقيلة آكد من الخفيفة، وهذه نظيرة تلك.
٢ - أنك لو لاحظت - مثلا - التعبيرين، أن كنت لفاعلا وإني كنت فاعلا، و (أن كنتم لمسرفون) و (أنكم كنتم مسرفين) لوجدت الفرق واضحا بينهما من حيث التوكيد فأنت تجد ضميرا واحدا مع الخفيفة هو (التاء) في الجملة الأولى (وتم) في الجملة الثانية في حين أنك تجد مع الثقيلة ضميرين هما: الياء والتاء في الجملة الأولى (كم) و (تم) في الجملة الثانية فالإسناد حصل مرتين مع الثقيلة بخلاف الخفيفة وذلك يشير إلى قوة التوكيد في الثقيلة كما هو واضح.
٣ - والذي يدل على أن الثقيلة آكد من الخفيفة استعمالها القرآني. قال تعالى في سورة يوسف {قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين}[يوسف: ٩١ - ٩٢]، وقال:{قالوا يا آبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم}[يوسف: ٩٧ - ٩٨].