للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء في (الكتاب): " وذلك قولك: قد علمت أن لا يقولُ ذاك وقد تيقنت أن لا تفعلُ ذاك كأنه قال: أنه لا يقول وأنك لا تفعل .. وليست (أنْ) التي تنصب الأفعال تقع في هذا الموضع لأن ذا موضع يقين وإيجاب.

فأما ظننت، وحسبت، وخلت، ورأيت فإنّ (أنْ) تكون فيها على وجهين:

على أنها تكون (أنْ) التي تنصب الفعل، وتكون الثقيلة فإذا رفعت قلت: قد حسبت أن لا يقولُ ذاك ورأي أن سيفعل ذاك ولا تدخل هذه السين في الفعل ههنا حتى تكون أنه .. وإنما حسنت (أنه) ههنا لأنه قد أثبت هذا في ظنك كما أثبته في علمك وأنك أدخلته في ظنك على أنه ثابت الآن كما كان في العلم ولولا ذلك لم يحس (أنك) ههنا ولا (أنه) فجرى الظن مجرى اليقين لأنه نفيه.

وأن شئت نصبت، فجعلتهن بمنزلة خشيت، وخفت، فتقول: ظننت أن لا تفعل ذاك، ونظير ذاك (تظن أن يفعل بها فاقرة) [القيامة: ٢٥]، و {إن ظنا أن يقيما حدود الله} [البقرة: ٢٣٠]، ولو قال رجل: أخشى أن لا تفعل ذاك يريد، أن يخبر إنه يخشى أمرا قد استقر عنده أنه كائن جاز وليس وجه الكلام ..

وتقول: ما علمت إلا أن تقوم وما أعلم إلا أن تأتيه إذا لم ترد أن تخبر أنك قد علمت شيئا كائنا البتة، ولكنك تكلمت به على وجه الإشارة، كما تقول: أرى من الرأي أن تقوم. فأنت لا تخبر أن قيامًا قد ثبت كائنا أو يكون فيما يستقبل البتة فكأنه قال: لو قمتم، فلو أراد غير هذا المعنى لقال: ما علمت إلا أن سيقومون" (١).

فهنا جاءت الناصبة مع العلم كما ذكر سيبويه، لأنه ليس المقصود بها اليقين، والتحقيق وإنما هو بمعنى قولك: أن تقوم خير لك في رأيي.

وجاء في (المقتضب): " أما ما كان من العلم فإن (أن) لا تكون بعده إلا ثقيلة لأنه شيء قد ثبت واستقر وذلك قولك، قد علمت أن زيدًا منطلق. فإن خففت فعلى إرادة.


(١) سيبويه ١/ ٤٨١ - ٤٨٢

<<  <  ج: ص:  >  >>