وهناك فرق آخر بين المخففة وأن الناصبة للأفعال، وهو أن الناصبة تكون للاستقبال كقولك (أرغب في أن تزورني) وأما المخففة فإنها غير مقيدة بزمن فقد تكون للمضي كقوله تعالى: {ونعلم أن قد صدقتنا}[المائدة: ١١٣]، والحال، كقوله تعالى:{أفلا يرون الا يرجع إليهم قولا}[طه: ٨٩]، و (أشهد أن لا إله إلا الله)، والاستقبال كقوله تعالى:{علم أن سيكون منكم مرضى}[المزمل: ٢٠].
والذي يبدو أنّ (أنْ) تخفف للأغراض الآتية:
١ - إيقاع الجملة موقع المصدر سواء كانت إسمية، أم فعلية. وهذا فارق رئيس بين الثقيلة والمخففة، فإن الثقيلة مختصة بإيقاع الجملة الإسمية موقع المصدر، أما المخففة فإنها توقع الجمل الإسمية والفعلية موقع المصدر، فالإسمية كقوله تعالى {وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه}[التوبة: ١١٨] وقوله: {فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو}[هود: ١٤]، والفعلية كقوله:{ونعلم أن قد صدقتنا}[المائدة: ١١٣]، وقوله:{وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا}[الجن: ١٦]، وذلك بحسب الحاجة والقصد فإن أردت إقامة الجملة الإسمية مقام المصدر جئت بالثقيلة أو بالخفيفة، مع بعض اختلاف بينهما فقد تدخل الخفيفة على ما لا تدخل عليه الثقيلة من الجمل الإسمية، كقوله تعالى {فاعلموا إنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو} فقد أوقعت الجملة المنفية بلا النافية للجنس موقع المصدر ولا يصح للثقيلة أن تباشر مثل هذه الجمل، والنحاة يقدرون ضمير الشأن في نحو هذا.
وأن أردت إقامة الجملة الفعلية مقام المصدر جئت بالمخففة كقوله تعالى:{علم ان سيكون منكم مرضى}[المزمل: ٢٠].
وهي في ذلك غير عاملة، فيما أرى نظيرة (إنْ) ولا موجب لتقدير ضمير الشأن فكما أنّ (إنْ) إذا خففت وقعت بعدها الجمل الفعلية والإسمية فهذه نظيرتها، وقد اختلف حكمها بعد تخفيضها عن الثقيلة ولذلك هي تدخل بعد تخفيفها على جمل إنشائية