٣ - إنّ (أنّ) الثقيلة آكد من الخفيفة وما ذكرناه من الحجج في أن المخففة ينطبق عليها. قال تعالى في سورة الأعراف:{واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين}[١٤٨]
وقال في سورة طه:{فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسى أفلا يرون أال يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا}[طه: ٨٨ - ٨٩].
فأنت ترى أنه جاء مرة بأن الثقيلة ومرة جاء بأن المخففة ولو رجعت إلى سياق الآيتين لبان الفرق بينهما، فإن آيات الأعراف تذكر قصة بني إسرائيل وعصيانهم لربهم ومخالفتهم لموسى عليه السلام، بخلاف سورة طه فإنه ليس السياق في ذاك وإنما هو في نجاة بني إسرائيل من فرعون وفرق بين السياقين، فقد بدأت قصى بني إسرائيل في سورة الأعراف بعد قوله تعالى:{وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين}[الأعراف: ١٠٢].
وقال في سورة طه:{يابني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم وواعدناكم جانب الطور الأيمن ونزلنا عليكم المن والسلوى}[طه: ٨٠].
فلذا جاءت (أنّ) ثقلة في سورة الأعراف مخففة في سورة طه، لأن الثقيلة آكد من الخفيفة، وذلك يتناسب مع مقام التبكيت في الأعراف بخلاف سورة طه، والله أعلم.
كأن:
تخفف (كأن) ويكون حكمها في العمل كحكم أن المفتوحة، ويكون خبرها جملة إسمية أو فعلية فصلت بلم أو قد، فمن مجيئه جملة إسمية قوله:
ووجه مشرق اللون ... كأن ثدياه حقان
ونحو قولك: كأن محمد قائم.
ومن مجيئه جملة فعلية قوله تعالى:{كأن لم تغن بالأمس}[يونس: ٢٤].