والذي أراه أن (لكنْ) الخفيفة والمخففة إنما هي حرف واحد، معناه الاستدراك يدخل على المفردات، والجمل إسمية كانت أو فعلية بخلاف الثقيلة، التي هي مختصة باستدراك الجمل الإسمية.
٢ - تخفيف الاستدرك فإن الثقيلة آكد من الخفيفة، كما سبق أن ذكرنا في أخواتها. يتنبي مما مر أن ما يخفف من الأحرف المشبهة بالفعل، إنما يخفف لغرضين.
١ - إيقاع معانيها على الجمل الفعلية إضافة إلى الإسمية.
٢ - تخفيف التوكيد فإن المثقلة آكد من المخففة في كل ما مر والله أعلم.
ذكر النون مع ياء المتكلم وضمير المتكلمين.
يقال (إنّي) و (أنّني) و (أنّا) و (أنّنا) قال تعالى: {فانتظروا إني معك من المنتظرين}[الأعراف: ٧١].
وقال:{ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير}[هود: ؟ ؟ ]
وقال:{إنا لا نضيع أجر المصلحين: }[الأعراف: ١٧٠].
وقال:{قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى}[طه: ٤٥].
فهل هناك من غرض لغوي أو بلاغي في ذكر النون أو حذفها؟
يجوز النحاة الذكر والحذف في ذلك، ولم يذكروا لذلك غرضا لغويا أو بلاغيا. وأنا لا أظن أن البليغ يرجح استعمالا على استعمال بلا سبب، بل لابد لذلك من سبب، وقد وقع الاستعمالان في كتاب الله (إني أنني) و (إنا وإننا).
والذي يبدو إن ذكر النون إنما يكون لغرض الزيادة في التوكيد (وإنني) آكد من (إني) و (إننا) آكد من (إنا) وذلك إن اجتماع ثلاث نونات يزيد في التأكيد.
قال تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام:{فلما رءا الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا يقوم إني بريء مما تشركون}[الأنعام: ٧٨].