للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي يدل على ما قلناه أن نون التوكيد قد تلحق بإن إذا اتصلت بضمير المتكلم، أو ضمير المتكلمين في بعض اللغات السامية، جاء في (التطور النحوي): " وفي العبرية تلحق بها - أي أنا - الضمائر على الطريقة التي تلحق بمضارع الفعل وأمره نحو hinnenni أي إنني والنون الثانية من enni هي نون الضمير المنصوب، والأولى هي نون التأكيد المستعملة في المضارع والأمر، مثل liqtlenni وتوجد في hinnennu أي إننا أيضا" (١).

وربما كان لإلحاقها غرض آخر، هو مراعاة مقام الإطالة، فقد يقتضي المقام الإطالة والتفصيل فيؤتى بها وقد يقتضي الإيجاز فلا تلحق، ومن ذلك على سبيل المثال قوله تعالى على لسان ثمود: {قالو يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب} [هود: ٦٢].

وقوله: {ألم يأتكم نبؤأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب} [إبراهيم: ٩].

ففي آية هود قال (إننا) وفي آية إبراهيم قال (إنا) والسياق يظهر الفرق بين المقامين فآيات هود تذكر تفاصيل الأقوام البائدة وقصصهم واحدة واحدة، قصة قوم نوح، وقوم هود وقوم صالح، وقوم إبراهيم، وقوم لوط، ومدين وقصة موسى مع فرعون، بخلاف آية إبراهيم فإنها بيان لموقف الأمم من الرسل عموما على وجه الإجمال لا على وجه التفصيل، وأوجز في مقام الإيجاز، وفي (معترك الأقران): إن إثبات النون في قوله تعالى {وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب} [هود: ٦٢]، إنما هو للتأكيد (٢).


(١) التطور النحوي ٩١
(٢) معترك الأقران ٣/ ٣٥٧

<<  <  ج: ص:  >  >>