للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهب بعض النحاة إلى أن (لا سيما) كلمة يستثنى بها (١).

والصحيح أنها لا يستثني بها، لأن ما بعدها داخل في حكم ما قبلها بل هو أولى مما قبله بالدخول. جاء في (الهمع): " والصحيح انها لا تعد من أدوات الاستثناء لأنه مشارك لهم في القيام [يعني: في قام القوم لا سيما زيد]، وليس تأكيد القيام في حقه يخرجه عن أن يكون قائما. ومما يبطل ذلك دخول الواو عليها وعدم صلاحية (إلا) مكانها بخلاف سائر الأدوات، فالمذكور بعدها ليس مستثني بل منبه على أولويته بالحكم المنسوب لما قبلها (٢).

أن (لا سيما) كما هو ظاهر قول النحاة جملة مؤلفة من لا واسمها وخبرها محذوف يقدره النحاة (موجود) (٣)، غير أنها لا تستقل بالاستعمال، فلا يقال (لا سيما خالد) مع أن المعنى مكتل، وهو (لا مثل خالد)، وسبب ذلك أنها - كما ذكرنا - تستعمل لبيان أولوية ما بعدها على ما قبلها، ولذلك لا تستقل بالكلام.

ويأتي بعدها الاسم مجرورا، أو مرفوعا، كما ذكر سيبويه تقول " أحب العلماء ولا سيما محمودٍ أو لا سيما محمودٌ".

فالجر على ان (ما) زائدة مؤكدة ومحمود مضاف إليه، فهي مزيدة بين المضاف والمضاف إليه، كما زيدت في قوله تعالى {أيما الأجلين قضيت فلا عدوان على} [القصص: ٢٨] (٤)، وقولهم: (غضبت من غير ما جرمٍ).

وذكر سيبويه أن زيادتها لازمة، لا يجوز حذفها إذ قد يكون الشيء زائدًا لازما قال: " ومثل ذلك: ولا سيما زيدٍ فرب توكيد لازمٌ حتى يصير كأنه من الكلمة" (٥).


(١) انظر ابن يعيش ٢/ ٢٨٥، الهمع ١/ ٢٣٤
(٢) الهمع ١/ ٢٣٤
(٣) الرضي على الكافية ١/ ٢٧١، حاشية الخضري ١/ ٨١
(٤) المغنى ١/ ٤٠، الهمع ١/ ٢٣٤، سيبويه ١/ ٣٥٠
(٥) سيبويه ١/ ٢٩٨

<<  <  ج: ص:  >  >>