وجاء في (حاشية يس على التصريح): "وإن كان المتقدم ما يصلح أن يكون معمولا لهذه الأفعال نحو: أين تظن زيدا قائمًا؟ أو متى تظن زيدا قائما؟ فإن جعلتهما معمولين لـ (قائم) فأنت بالخيار، إن شئت أعملت لبنائك الكلام على الظن، وإن شئت ألغيت ولم تبن الكلام على الظن، فقلت أولا (زيد قائم) ثم اعترضت بالظن بين (متى) و (زيد) وإن جعلت (أين) و (متى) معمولين لتظن، لم يجز إلا الأعمال"(١).
فاتضح بها أن معنى الأعمال غير معنى الالغاء.
وأما قول سيبويه إنه " كلما طال الكلام ضعف التأخير إذا اعملت، وذلك قولك زيدا أخاك أظن، فهذا ضعيف، كما يضعف (زيدا قائما ضربت) ففيه نظر، لأن الكلام إنما يكون تأليفه بحسب القصد والمعنى، وليس فيما ذكر ضعف، وتقديم المفعول إنما يكون للاهتمام والحصر، وايضاح ذلك أنك تقول:
١ - ظننت محمدا قائما - تقول هذه العبارة إذا كان المخاطب خالي الذهن من الخبر فأخبرته بما في ذهنك.
٢ - محمد ظننت قائما - تقول هذه العبارة إذا كان المخاطب يعتقد أنك تظن خالدا قائما لا محمدا، فقدمت له (محمدا) لإزالة الوهم من ذهنه.
٣ - محمد قائم ظننت - تقول هذه العبارة إذا كان المخاطب يعتقد أنك تظن أن خالدا جالس- فهنا حصل الوهم من ناحيتين: من ناحية الشخص، والوصف، فقدمتها لازالة الوهم.
فالفرق بين هذه العبارة، وما قبلها أن الشك في الأولى كان في الشخص لا في الوصف فقدمت الشخص، وفي الأخيرة كان الشك في الشخص، والوصف، فقدمتهما لإفادة الحصر والاهتمام.