للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ببناء الفعل للمجهول ورفع (ضارع) على الفاعلية، فإنه لما قال (ليبك يزيد) كأن قائلا قال: من يبكيه؟ فأجابه: ضارع لخصومة أي يبكيه ضارع (١) " وعلى هذا تقول: أكل الخبز زيد، وركب الفرس محمدٌ فترفع زيدًا ومحمدًا بفعل ثان يدل عليه الأول ..

ونحوه قول الآخر:

أسقى الإله عدواتِ الوادي ... وجوزه كل ملث غادي

كل أجش حالك السواد

لأنه، إذا أسقاها الله كل ملث، فقد سقاها ذلك الأجش (٢)

وجعل جمهور النحاة من إضمار الفعل نحو قوله تعالى: {إذا السماء انشقت} [الإنشقاق: ١]، وقوله: {قل لو أنتم تملكون خزائن رحمةِ ربي} [الإسراء: ١٠٠]، وقولهم (لو ذات سوار لطمتني) فهم يرون أن الفعل محذوف وجوبا يفسره المذكور، والتقدير إذا انشقت السماء انشقت، وإن استجارك أحد استجارك، وقل لو تملكون تملكون، ولو لطمتني ذات سوار لطمتني.

وذكر أنه عند الكوفيين فاعل مقدم، ومبتدأ عند الأخفش (٣).

وفي رأي الجمهور نظر، فإنه إذا قدر فعل بعد الأداة لم يكن ثمة معنى للتقديم، وأصبح معنى قولنا (إذا جاء محمد فأكرمه)، و (إذا محمد جاءك فأكرمه) واحدا، ولم يفد التقديم شيئا إلا ما يذكرونه من أن التفسير أفاد الفعل قوة وتأكيدًا.

والذي أراه - وهو ما ينسجم مع طبيعة التعبير العربي- أن معنى التقديم غير معنى التأخير، وأن ما قدم من نحو هذا، فإنما يقدم لغرض من أغراض التقديم التي أشرنا إلي طرف منهما.


(١) انظر سيبويه ١/ ١٤٥، المقتضب ٣/ ٢٨٣، الأشموني ٢/ ٤٨، ابن الناظم ٨٩، ابن يعيش ١/ ٨٠، التصريح ١/ ٢٧٣ - ٢٧٥، الهمع ١/ ١٦٠
(٢) الخصائص ٢/ ٤٢٤ - ٤٢٥
(٣) انظر المقتضب ٣/ ٧٧، ابن يعيش ١/ ٨٠ - ٨٢، ابن عقيل ١/ ١٦٢

<<  <  ج: ص:  >  >>