للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما يجب تقديم الفاعل على المفعول في الحصر نحو: إنما أكرم خالد محمدًا، لأنه لو تأخر لانقلب المعنى. (١)

وهناك مواطن لوجوب تقديم المفعول على الفاعل ليس هذا موطن ذكرها، وإنما الذي يعنينا هنا مواطن جواز تقديم المفعول على الفاعل، لأنه موطن التعرف، لأنه موطن التصرف، وأما مواطن الوجوب فهي لازمة ليس فيها تصرف.

إن مدار المفعول على الفاعل في اللغة إنما يدور على الاهتمام والعناية كسائر مواطن التقديم قال سيبويه: " وإن قدمت المفعول، وأخرت الفاعل جرى اللفظ كما جرى في الأول، وذلك قوله: ضرب زيدا عبد الله، لأنك إنما أردت به مؤخرا ما أردت به مقدما، ولم ترد أن تشغل الفعل بأول منه، وإن كان مؤخرا وهو عربي جيد كثير، كأنهم يقدمون الذي بيانه أهم لهم، وهم ببيانه أعني وإن كانا جميعا يهمانهم ويعنيانهم (٢).

فمدار الأمر إذن هو الاهتمام والعناية وإن كان موطن الاهتمام مختلفا بحسب المقام قال تعالى: {إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله} {آل عمران: ١٤٠}، فأنت ترى ههنا أنه قدم المفعول (القوم) على الفاعل (قرح)، وذلك هو الوجه هنا. أن هذه الآية نزلت في معركة أحد التي أصاب المسلمين فيها أذى شديد، وقتل فيها من قتل، من المسلمين، وشج وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فانزل الله هذه الآيات يواسيهم ويمسح عنهم الحزن الذي أصابهم، قال تعالى: {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين، إن يمسسكم قرح فقد مس القوح قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين أمنوا ويتخذ منكم شهداء} [آل عمران: ١٣٩ - ١٤٠] ,


(١) انظر ابن عقيل ١/ ١٦٥، ابن الناظ ٩٢، حاشية الخضري ١/ ١٦٥، الأشموني ٢/ ٥٥ - ٥٦، حاشية الصبان ٢/ ٥٥ - ٥٦، التصريح ١/ ٢٨١، الهمع ١/ ١٦١
(٢) سيبويه ١/ ١٤ - ١٥

<<  <  ج: ص:  >  >>