أما في سورة غافر فالكلام على حملة الكتاب، فلذلك قدمهم قال تعالى {قالوا أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعوا الكافرين إلا في ضلال}[غافر: ٥٠]، {إنا للنصر رسلنا والذين أمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد}[غافر: ٥١]، {ولقد آتينا موسى الهدى وأورثنا بني إسرائيل الكتاب}[غافر: ٥٣]، فناسب كما ترى ان يتقدم الحملة على الكتاب بخلاف الآية الأولى كما هو واضح.
وكذلك بالنسبة إلى تقديم المفعولين أو أحدهما على الفعل، فقد يقدم للتخصيص، أو لغرض من الأغراض التي سبق أن ذكرناها، وذلك نحو:
- خالد منح سعيد أرضا، المعنى أن سعيدا خص خالدا بذلك، ولم يمنح غيره أو للرد على المخاطب إذا كان يظن أن سعيدا منح أرصا محمدا، فأزال الوهم من ذهنه، والمخاطب في هذه الجملة يعلم جانبا من الحدث فهو يعلم أن سعيدا منح ارضا وإنما حصل الوهم في الشخص الممنوح، وكان هذا جواب سؤال، من منح سعيدا أرضأ؟
- أرضا منح سعيدا، المعنى أن سعيدا خص خالدا بالأرض لا بشيء آخر، ولازالة الوهم من ذهن المخاطب الذي كان يظن أنه منح خالدا نقودا فقدمها لإزالة الوهم، والمخاطب في هذا يعلم أن سعيدا منح خالدا شيئا ولكن الوهم حصل في الشيء الممنوح وكأن هذا جواب عن سؤال: ماذا منح سعيد خالدا؟
- خالدا أرضا منح سعيد، المعنى أن سعيدا خص خالدا بأرض، أي لم يمنح غيره سعيد، ولم يمنح غير أرض أو لازالة الوهم إذا كان المخاطب يظن أن سعيدا منح محمدا نقودا مثلا فهنا حصل الوهم في الشخص الممنوح والشيء الممنوح فقدم المفعولين لازالة الوهم وهنا المخاطب يعلم ان سعيدا منح شيئا ما ولكن لا يعلم الشخص الممنوح ولا الشيء.
وهكذا القياس، وكل ما تقدمه فهو الأهم بقصد التخصيص، أو بقصد آخر يستدعيه المقام.