للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فانظر إلى الفرق بين الآيتين، فقد جاء بإحداهما بضمير الفصل دون الأخرى، وذلك أنه لما عدل عن قوله (رضي الله عنهم ورضوا عنه) إلى قوله (ورضوان من الله أكبر) فجاء بالجملة الإسمية الدالة على الثبوت، والتي هي أقوى من الفعلية ثم أخبر بأن رضوان الله أكبر من الجنات. وملذاتها، ناسب عظم ذلك المجيء بضمير الفصل فقال (ذلك هو الفوز العظيم).

وقال تعالى: {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير} [البقرة: ١٢٠]

وقال: {قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا اله كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا قل إن هدي الله هو الهدى وأمرنا لنسلم لرب العالمين} [الأنعام: ٧١].

وقال: {وقالت طائفة من أهل الكتاب ءامنوا بالذي أنزل على الذين أمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون ولاتؤمنوا إلا لمن تبع دينكم قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم} [آل عمران: ٧٢ - ٧٣].

فأنت ترى أنه في الآيتين الأوليين قدم (هدى الله) وجاء بضمير الفصل، وفي الثالثة قدم (الهدى). ولم يأت بضمير الفصل.

ولعل السبب أن الآيتين الأوليين في الأديان، فالآية الأولى في اليهودية والنصرانية والثانية في الشرك فناسب الرد بتقديم (هدي الله) وهو (الإسلام) هنا فكأنه قال لهم: أن هدي الله، أي الإسلام، هو الهدى الكامل، الصحيح التام لهدايتكم، وما أنتم عليه، فناسب تقديمه، وحصر الهداية عليه، والمجيء بضمير الفصل توكيدا لهذا المعنى، وناسب هذا التوكيد والقصر زيادة (من) في الآية الأولى، وزيادة اللام في (لنسلم) في الثانية لتوكيد هذا المعنى. جاء في الكشاف في تفسير آية البقرة: يعني أن هدي الله الذي هو الإسلام، هو الهدى بالحق والذي يصح أن يسمى هدى، وهو الهدى كله

<<  <  ج: ص:  >  >>