للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ليس وراءه هدى، وما تدعون إلى أتباعه ما هو بهدى، إنما هو هوى ألا ترى إلى قوله تعالى: {ولئن أتبعت أهواءهم} أي أقوالهم التي هي أهواء وبدع" (١).

أما الآية الثالثة فهي ليست في الموازنة بين أهل الأديان، وإنما هي رد على تصرف سيء ومكر، إذ قالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بما أنزل على محمد وجه النهار واكفروا آخره، وقولوا نحن آمنا به ظنا بأنه حق، ولكن استبان لنا أنه باطل، فرجعنا عنه إلى ديننا الذي هو الحق لعلهم يرجعون عن دينهم، فنزلت الآية ردا على مكرهم وكيدهم وإدعائهم الهدى، فقال تعالى: {قل إن الهدى هدى الله} أي أن الهدى أن يهديكم الله إلى الدين الصحيح، وإلى الحق وليس الهدى أن تعلموا مثل هذا المكر والتبييت، الهدى أن يشرح الله صدوركم لقبول الحق، ويفتح قلوبكم للخير، وليس الهدى ما تبيتون وما تنوون، فناسب هذا أن يقول: {قل إن الهدى هدى الله} وهو رد على تصرفهم وزعمهم، وتبيان للهدى الصحيح جاء في (الكشاف) في هذه الآية:

" معناه أن الهدى هدي الله، من شاء أن يلطف به حتى يسلم أو يزيد ثباته على الإسلام كان ذلك، ولم ينفع كيدك وحيلكم وزيكم تصديقكم عن المسلمين والمشركين (٢).

وقال تعالى: {ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير} [الحج: ٦٢].

وقال: {ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلي الكبير} [لقمان: ٣٠].

فأنت تلاحظ تشابه الآيتين إلا في وجود ضمير الفصل في آية الحج (وهو الباطل) وخلوها منه في آية لقمان (الباطل)، وسياق الآيتين يوضح ذلك، فآية الحج واقعة في سياق الصراع بعد ذكر الأمم السالفة وتكذيبهم لرسلهم بقوله تعالى: {والذين سعوا في


(١) الكشاف ١/ ٢٣٦، وانظر الكشاف ١/ ٥١٢
(٢) الكشاف ١/ ٣٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>