آيتنا معاجزين أولئك أصحاب الجحيم} [الحج: ٥١]، فهنا سعي لإطفاء نور الله، وقتل كلمة الحق، ثم يسترسل إلى أن يقول:{والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا وإن الله لهو خير الرازقين}[الحج: ٥٨]، وهذا من نتائج الصراع، الهجرة من الأرض إلى أرض أخرى، والقتل والموت إلى أن ينتهي إلى الآية.
فهنا أنصار الباطل ساعون لإطفاء نور الله معاجزون معاندون، ولا تجد مثل هذا في سورة لقمان، وإنما هو عرض لأصحاب الباطل من وجه آخر، ليس فيه هذا الصراع قال تعالى:{وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان الشيطان يدعون إلى عذاب السعير}[لقمان: ٢١]{ومن كفر فلا يحزنك كفره إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا إن الله عليم بذات الصدور نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ ولين سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون}[لقمان: ٢٣ - ٢٥].
{ألم تر أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجي إلى أجل مسمى وأن الله بما تعملون خبير ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو الغني الكبير}[لقمان: ٢٩ - ٣٠].
فأنت ترى أن السياق مع أهل الباطل هنا يختلف، فهم في الصورة الأولى ساعون معاجزون معاندون مصارعون نتيجته هجرة المؤمنين، أو قتلهم، أو موتهم، فاحتاج الأمر إلى توكيد أن ما هم عليه هو الباطل لزيادة تثبيت المؤمنين. وفي الآية الثانية جدال ليس فيه صدام فلما كان الموقف مختلفا، اختلف التوكيد في الآيتين حسب ما اقتضاه السياق.
وقال تعالى:{إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم}[التوبة: ٤٠].