للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال (والأرض بعد ذلك دحاها) بالنصب لأن الكلام على الله تعالى قال تعالى: {أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها، رفع سمكها فسوها، وأغطش ليلها وأخرج ضحاها، والأرض بعد ذلك دحاها، أخرج منها ماءها ومرعاها والجبال أرساها، متاعا لكم ولأنعامكم} [النازعات: ٢٧ - ٣٣].

فالكلام على الله ونعمه، من خلق السماء ودحو الأرض، وإخراج الماء والمرعى وإرساء الجبال.

وأظن أنه اتضح الفرق بين المشغول عنه والمبتدأ اتضاحا لاغموض فيه.

٢ - وينصب الاسم إذا خيف في الرفع أن يلتبس الفعل بالصفة، وذلك نحو قوله تعالى: {إنا كل شيء خلقناه بقدر} [القمر: ٤٩] قال السيرافي ما ملخصه: " فإن قال قائل: قد زعمتم أن نحو: (إني زيد كلمته) الاختيار فيه الرفع، لأن الجملة في موضع الخبر، فلم اختير النصب في (إنا كل شيء خلقناه بقدر) وكلام الله تعالى أولى بالاختيار؟

فالجواب أن في النصب هنا دلالة على معنى ليس في الرفع، فإن التقدير على النصب أنا خلقنا كل شيء خلقناه بقدر، فهو يوجب العموم، وإذا رفع فليس فيه عموم إذ يجوز أن يكون (خلقناه) نعتا لشيء، وبقدر خبرا لكل، ولا يكون فيه دلالة على خلق الأشياء كلها، بل إنما يدل على أن ما خلقه منها، خلقه بقدر (١).

وإيضاح ذلك أن رفع (كل) يدل على معنيين: أما أن يكون خلقناه خبرا عن كل فيكون المعنى: إنا خلقنا كل شيء بقدر، وإما أن يكون خلقناه صفة لكل، والخبر بقدر فيكون المعنى: كل شيء مخلوق لنا، بقدر، ومقتضي ذلك أن هناك خالقا مع الله سبحانه فما خلقه الله خلقه بقدر، وما خلقه غيره قد يكون ليس مخلوقا بقدر، تعالى الله عن ذلك.


(١) شرح أبي سعيد السيرافي بهامش كتاب سيبويه ١/ ٧٤، وانظر التصريح ١/ ٣٠٢، الأشموني ٢/ ٨٠، الهمع ١/ ١١٣

<<  <  ج: ص:  >  >>