للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحوه أن نقول (كل رجل أكرمته هنا) فبالنصب يكون المعنى: أكرمت كل رجل هنا، وبالرفع له معنيان: أما أن يكون كمعنى النصب، والخبر (اكرمته)، وأما أن يكون المعنى: كل رجل مكرم من قبلي هنا، فالخبر (هنا) و (أكرمته) نعت، أي قد يكون في المكان رجال لم تكرهم ولكن كل من أكرمتهم هنا.

قال الرضي: " إذا أردت أن تخبر أن كل واحد من مماليك اشتريته بعشرين دينارا وأنك لم تملك أحدا منه إلا بشرائك بهذا الثمن، فقتل (كل واحد من مماليكي اشتريته بعشرين دينارا) بنصب (كل) فهو نص في المعنى المقصود لأن التقدير اشتريت كل واحد من مماليكي بعشرين.

وإما إن رفعت (كل) فيحتمل أن يكون (اشتريته) خبرا له، وقولك (بعشرين) متعلقا به، أي كل واحد منهم مشترى بعشرين وهو المعنى المقصود. ويحتمل أن يكون (اشتريته) صفة لـ (كل واحد)، وقولك (بعشرين) هو الخبر، أي كل من اشتريته من المماليك، فهو بعشرين.

فالمبتدأ إذن على التقدير الأول أعم، لأن قولك: كل واحد من مماليكي عم من اشتريته ومن اشترى لك، ومن حصل لك منهم بغير المشتري، من وجوه التملكات والمبتدأ على الثاني لا يقع إلا على من اشتريته أنت.

فرفعه إذن مطرق لاحتمال الوجه الثاني، الذي هو غير مقصود ومخالف للوجه الأول. إذ ربما يكون ذلك على الوجه الثاني، منهم من اشتراه لك غيرك بعشرين، أو بأقل منها، أو بأكثر، وربما يكون أيضا لك منهم جماعة بالهبة، والوراثة أو غير ذلك، وكل هذا خلاف مقصودك فالنصب إذن أولى لكونه نصا في المعنى المقصود، والرفع محتمل له ولغيره (١).


(١) الرضي على الكافية ١/ ١٨٩

<<  <  ج: ص:  >  >>