للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالأمر بحسب المعنى، فإذا أردت التنصيص على أن الفعل ليس صفة نصبت المتقدم، وإذا أردت الاحتمال رفعت، كما أنه إذا أردت التنصيص على أن الفعل صفة رفعت الاسم المتقدم، وذلك كقوله تعالى: {وكل شيء فعلوه في الزبر} [القمر: ٥٢]، جا في (معاني القرآن) للفراء: " وأما قوله وكل شيء فعلوه في الزبر، فلا يكون إلا رفعا لأن المعنى- والله أعلم - كل فعلهم في الزبر مكتوب، فهو مرفوع بفي (١). وفعلوه صلة لشيء، ولو كانت في صلة فعلوه في مثل هذا من الكلام، جاز رفع كل ونصبها كما تقول: وكل رجل ضربوه في الدار، فإن أردت ضربوا كل رجل في الدار رفعت ونصبت وأن أردت: وكل من ضربوه هو في الدار رفعت " (٢).

وإيضاح ذلك أن المعنى لا يحتمل النصب، لأن في النصب يكون المعنى: (فعلوا كل شيء في الزبر) والمعنى ليس عليه، وإنما أن ما فعلوه مثبت في الزبر، فـ (فعلوه) صفة لشيء، و (في الزبر) خبر، والمعنى أن الشيء الذي فعلوه هو مثبت في الزبر، والنصب لا يؤدي هذا المعنى.

وهذا القسم عند النحاة مما يترجح فيه النصب على الرفع (٣)، والصواب أن هذا القسم ليس مما يترجح فيه النصب على الرفع، وإنما هو بحسب القصد فإذا أردت التنصيص على أن الفعل ليس صفة نصبت وجوبا، كما مر قوله تعالى (إنا كل شيء خلقناه بقدر) ونحوه من الأمثلة، وإن أردت التنصيص على أنه صفة رفعت وجوبا، وكذلك إذا أردت احتمال الوجهين فهو ليس من باب الجواز، وإنا هو من باب الوجوب بحسب المعنى، كما أوضحت.

٣ - وقال قسم من النحاة أنه يختار الرفع في الاسم المنظور فيه إلى العموم، نحو قوله تعالى {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة} [النور: ٢]، وقوله: {والسارق والسارقة فاقعوا أيديهما} [المائدة: ٣٨].


(١) هذا على مذهب الكوفيين الذين يقولون أن المبتدأ يرفعه الخبر والخبر يرفعه المبتدأ
(٢) معاني القرآن ٢/ ٩٥ - ٩٦
(٣) التصريح ١/ ٣٠٢، الهمع ١/ ١١٣، الأشموني ٢/ ٨٠

<<  <  ج: ص:  >  >>