وعلى مقتضى هذا ينبغي أن تقول (الضيف أكرمه) بالنصب إذا كان الضيف معينا، والضيف أكرمه، بالرفع إذا كان الضيف غير معين، أي لا يراد به ضيف مخصوص، وأن تقول (العالم احترمه) إذا كان عالما معينا من بين العلماء، والعالم احترمه إذا لم يكن عالما معينا، بل كل من اتسم بسمة العلم.
وأرى أن في هذا نظرا فإنه لا يح أن تقول بالرفع والنصب للمعلوم وغير المعلوم فإنك تقول (أكرم الضيف) سواء كان ضيفا معينا، أم غير معين، فقد يكون القول للتعليم والتوجيه، ونحوه (احترم العالم) وهذا هو تقدير الاشتغال عند النحاة: أكرم الضيف أكرمه، وأحترم العالم أحترمه.
وإنما الأمر كما سبق أن أسلفنا في القاعدة العامة في الفرق بين الاشتغال والابتداء، إذا أردت الاخبار عن الاسم المتقدم والإسناد إليه رفعت، وإن لم ترد نصبت وقدمته للاهتمام.
وأما الايتان فقد ذكرت الأمر فيهما، وهو إرادة الأخبار عن الاسمين المرفوعين، والله أعلم.
وإما تعين العموم فبسبب الفاء الواقعة في الخبر لأنها اشبهت فاء الجزاء، والجزاء يراد به العموم وهو نظير قولك (الفائز فاعطه جائزة) والمعنى من يفز فأعطه جائزة، و (الفائز أعطه جائزة) وهو على معنيين، أما أن يكون كمعنى الأولى، وأما أن نقصد به فائزا معينا والفاء عينت قصد العموم.
ونحوه أن تقول:
الذي يدخل الدار فله مكافأة.
الذي يدخل الدار له مكافأة.
فبوجود الفاء تترتب المكافأة على دخول الدار، أي من يدخل الدار فله مكافأة فسبب المكافأة دخول الدار، فأشبه الموصول الشرط، وأريد به العموم.