{هب لي من لدنك}[آل عمران: ٣٨]، فلا ابتداء الغاية" (١).
ومن هذه يتبين أن هناك ثلاثة آراء في (من) الداخلة على بعض من الظروف غير المتصرفة:
١ - أنها لابتداء الغاية.
٢ - أنها بعنى في.
٣ - زائدة التوكيد
والذي يبدو لي أن الأمر هو الراجح، وليست بمعنى (في)، لأن الأصل عدم النيابة، وليست بزائدة لأن الأصل عدم الزيادة، وإذا أمكن عدم إخراجها من معناها الذي وضعت له فهو الأولى، ولا تصرف عن معناها الأساسي إلا إذا تعذر إبقاؤها عليه.
وأرى أنه يمكن الإبقاء على معنى الابتداء في هذه الظروف، ولكن قد يتضح معنى الابتداء نحو قوله تعالى:{لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم}[المائدة: ٦٦]، و (انطلقت من تحت الشجرة) فإنه لا يصح في نحو ذلك أن تكون بمعنى (في)، ولا زائدة لأن المعنى يكون على ذلك (لأكلوا من فوقهم وتحت أرجلهم)[المائدة: ٦٦]، و (انطلقت من تحت الشجرة)، فإنه لا يصح في نحو ذلك أن تكون بمعنى (في)، ولا زائدة لأن المعنى يكون على ذلك (لأكلوا من فوقهم وتحت ارجلهم) وهو ممتنع، وكذلك قولنا (انطلقت من تحت الشجرة)، وذلك لأن مبدأ الإنطلاق من هذا المكان، والمعنى يتغير بتقديرها بـ (في) أو بجعلها زائدة.
وأحيانا يدق المعنى حتى يحتاج إلى غوص واستخراج، وفي نحو هذا يحصل الخلاف، ومن ذلك على سبيل المثال قوله تعالى:{والله خلقكم ثم يتوفاكم ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئا}[النحل: ١٦].
وقوله:{ومنكم من يتوفي ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا بهيج}[الحج: ٥].