لمراءاة الناس) جعلت المراءاة علة، وإذا قلت (ينفق ماله رئاء) أفدت ثلاثة معان في آن واحد وهي العلة كما ذكرت أي ينفق ماله للمراءاة، والحالية أي ينفق ماله مرائيا، والمفعولية المطلقة، أي ينفق ماله انفاق رئاء أو يرائي رئاء، جاء في (المغني) في (ما يحتمل المصدرية، والحالية، والمفعول لأجلة): من ذلك {يريكم البرق خوفا وطمعا} أي فتخافون خوفا تطعمون طمعا، وابن مالك يمنع حذف عامل المصدر المؤكد إلا فيما استثنى أو خائفين، وطامعين أو لأجل الخوف والطمع .. وتقول (جاء زيد رغبة) أي يرغب رغبة أو مجيء رغبة أو راغبا للرغبة" (١).
ومنه قوله تعالى:{وادعوه خوفا وطمعًا}[الأعراف: ٥٦]، فإنه يحتمل المفعول له، أي للخوف والطمع ويحتمل الحالية أي ادعوه خائفين وطامعين ويحتمل المفعولية المطلقة أي ادعوه دعاء خوف وطمع، وهذه المعاني كلها مرادة والله أعلم، فإنه أراد ادعوه للخوف وأنتم في حالة خوف، ودعاء خوف، وهو اتساع كبير فبدل أن يقول ثلاثة تعبيرات مختلفة قال تعبيرا واحدا جمعها كلها. بخلاف ما لو قال (ادعوه للخوف والطمع) فإنه يكون للتعليل فقط.
وبهذا نرى أن المعنى اتسع اتساعا كبيرا باسقاط حرف الجر.
٢ - أن الأصل في اتيان المفعول له منصوبا، أن يدل على حصول العلة وحدوثها أما إذا جئت بالحرف فإنه قد يفيد الحصول وعدمه، ومن ذلك على سبيل المثال قولك (فعل ذلك عدوانا) و (فعل ذلك للعدوان) فإن الأولى معناها أن العدوان حصل، أما قولك (فعله لعدوان) فقد يحتمل وقوع العدوان، ويحتمل أيضا أنه أراد أنه فعله تمهيدا لعدوان أو سببا لايقاع عدوان فيما بعد، وعلى هذا المعنى الأخير فالعدوان لم يقع بعد، ألا ترى أنه يصح أن تقول: فعل ذلك لعدوان يبيته. ولا يصح مثل ذلك في المنصوب.