٤ - في حالة النصب يكون فاعل الحدث والعلة واحدًا، ما لم يدل على خلاف ذلك وأما في حالة الجر فإنه يحتمل الاتحاد في الفاعل وعدمه ابتداء، وقد مر بنا أن النحاة اشترطوا للنصب الاتحاد في الفاعل وذلك.
نحو أن تقول (حرم هذا على الله) و (حرم هذا الافتراء على الله) فالأولى نص على أن المحرم هو المفتري، وأما الثانية فتحتمل أن المحرم غير المفتري أي حرم هذا لافتراء افتراه شخص آخر فأخبره أن هذا حرام.
ونحوه أن تقول:(عرضت له عدوانا) فالعارض والمعتدي واحد، ولو قال (عرضت له لعدوان) لاحتمل أن يكون العدوان من شخص آخر أو من جهة أخرى.
ولا يراد على هذا ما رددناه على النحاة من اشتراط الاتحاد في الفاعل لصحة النصب. فإنا نقول: أن الأصل في النصب هو الاتحاد في الفاعل، إلا إذا دل دليل على غير ذلك فإن لم يدل دليل على أن الفاعل مختلف تعين اتحادهما فيه، أما الجر فهو يحتمل المخالفة ابتداء.
إننا نجيز أن يختلف الفاعلان في النصب بالقرائن، ولكن إذا لم تكن هناك قرينة تدل على اختلاف الفاعلين تعين أن الفاعل واحد بخلاف الجر المحتمل للاختلاف ابتداء. فالأصل في النصب الاتحاد في الفاعل ما لم يدل دليل على اختلافهما بخلاف الجر، وهو نظير ما ذكرناه في الاختلاف في الزمان.
٥ - إن ذكر الحرف أوسع في إفادة التعليل من عدمه، فهو يوقع للعلية ما لا يصلح أن يقع بدونه، وذلك كأن تكون العلة ليست مصدرًا نحو قوله تعالى:{كذلك سخرنها لكم لعلكم تشكرون}[الحج: ٣٦] وقوله: {والأرض وضعها للأنام}[الرحمن: ١٠]، {والأنعام خلقها لكم فيها دفء}[النحل: ٥]، أو لإرداة تعيين زمان لا يؤديه المصدر نحو {سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله}[الأنعام: ١٥١]، ونحوه:{ثم صرفكم عنهم ليبتليكم}[آل عمران: ١٥٢]،