للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العامل على المستثنى نحو (ما قام القوم إلا حمارا) إذ يصح أن يقال (قام حمار) فالحجازيون يوجبون النصب لأنه لا يصح فيه الإبدال حقيقة .. وبنو تميم ترجحه وتجيز الاتباع" (١).

وفي ترجيح النحاة وجها على وجه في المتصل نظر، وظاهر كلام سيبويه ان الاتباع والنصب في المتصل لغتان جاء في (كتاب سيبويه): (هذا باب ما يكون فيه المستثنى فيه بدلا مما نفي عنه دا أدخل فيه) وذلك قولك (ما أتانا أحد إلا زيد) و (ما مررت بأحد إلا عمرو) و (ما رأيت أحدا إلا عمرا) جعلت المستثنى بدلا من الأول، فكأك قلت (ما مررت إلا بزيد) و (ما أتاني إلا زيد) وما لقيت إلا زيدا، كما أنك إذا قلت (مررت برجل زيد) فكأنك قلت (مررت بزيد) فهذا وجه الكلام أن تجعل المستثنى بدلا من الذي قبله لأنك تدخله فيما أخرجت منه الأول ..

ومن قال (ما أتاني القوم إلا اباك) لأنه بمنزلة قوله (أتاني القوم إلا أباك) فإنه ينبغي له أن يقول (ما فعلوه إلا قليلا منهم) (٢).

وجاء فيه: " هذا باب النصب فيما يكون مستثنى بدلا" حدثنا بذلك يونس وعيسى جميعا أن بعض العرب الموثوق بعربيته يقول: (مامررت باحد إلا زيدا، وما أتاني أحدٌ إلا زيدا) وعلى هذا (ما رأيت أحدا إلا زيدا) فتنصب (زيدا) على غير رأيت، وذلك أنك لم تجعل الآخر من الأول ولكنك جعلته منقطعا مما عمل في الأول" (٣).

إن النحاة يعللون كلا من الاتباع والنصب. فالاتباع يكون على البدلية، والبدل على نية إحلال محل الأول، والمبدل منه على نيه السقوط، فإذا قلت (ما قام أحد إلا خالد) فرفعت فكأنك قلت (ما قام إلا خالد) لأن أحدا على نية السقوط، هو عند النحاة بمنزلة


(١) التصريح ١/ ٣٥٢ - ٣٥٣، وانظر الأشموني ٢/ ١٤٨، ابن يعيش ٢/ ٨١، الهمع ١/ ٢٢٥
(٢) سيبويه ١/ ٣٦٠
(٣) سيبويه ١/ ٣٦٣

<<  <  ج: ص:  >  >>