للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما ليس منه في الكلام.

وإذا نصبت جعلت اعتماد كلامك على النفي، فكأنك قلت (ما قام أحدٌ) ثم استثنيت. جاء في (الأصول): " فإذا قلت (ما قام أحد إلا زيدا) فإنما رفعت لأنك قدرت إبدال (زيد) من (أحد) فكأنك قلت: (ما قام إلا زيد) وكذلك البدل من المنصوب، والمخفوض تقول: (ما ضربت أحد إلا زيدا) و (ما مررت بأحد إلا زيد) فالمبدل منه بمنزلة ما ليس منه في الكلام، وهذا يبين في باب البدل.

فإن لم تقدر البدل وجعلت قولك: (ما قام أحدٌ) كلاما تاما لا ينوي فيه الإبدال من (أحد) نصبت فقلت: ما قام أحدٌ إلا زيدا (١).

وذكر ابن يعيش أن " الفرق بين البدل والنصب في قولك ما قام أحد إلا زيد أنك إذا نصبت جعلت معتمد الكلام النفي، وصار المستثنى فضلة فتنصبه كما تنصب المفعول به، وإذا أبدلته منه كان معتمد الكلام، إيجاب القيام لزيد وكان ذكر الأول كالتوطئة" (٢).

وعلى هذا يكون الفرق بين البدل والنصب أنك إذا قلت: (ما قام أحد إلا زيدا) بالرفع كأن المعنى (ما قام إلا زيدٌ) أي ان القصد اثبات القيام لزيد، وذكرت ما قبله توطئه له وتمهيدا لأن البدل أهم من المبدل منه، لأن المبدل مه على نية الطرح عند النحاة، وإذا قلت: (ما قام أحد إلا زيدا) كان المعنى: ما قام أحد أي أردت أن تنفي القيام عن كل أحد وهذا هو المهم عندك ثم استثنيت (زيدا) لأنه خرج عن الإجماع لا لأنه هو الأهم.

فالمهم في النصب هو الإخبار بالنفي، والمهم في الاتباع هو الاخبار بالإيجاب.

وفي هذا التعليل نظر فإنه على ما ذهب إليه النحاة يكون الاستثناء التام كالمفرغ، وذلك أن معنى (ما جاء الرجال إلا خالدا) كمعنى (ما جاء إلا خالد) عندهم لأن البدل


(١) الأصول في النحو ١/ ٣٤٤، وانظر المقتضب ٤/ ٣٩٤، الكامل للمبرد ٢/ ٤٣٢، حاشية الصبان ٢/ ١٤٣ - ١٤٤
(٢) ابن يعيش ٢/ ٨٧

<<  <  ج: ص:  >  >>