على نية السقوط فيكون مفيدا للقصر كالفرغ، وفي هذا نظر فإن المعنى فيهما مختلف، فإنك إذا قلت (لم يزرني أصدقائي إلا خالد) جعلت خالدا من أصدقائك وقد استثنيته منهم، وقد يكون زارك أحدٌ من غير أصدقائك فإن قلت (لم يزرني إلا خالد) دل على أنه لم يزرك أحد من أصدقائك أو من غيرهم، إلا خالد فالمبدل منه له معنى وفائدة.
وكذلك لو قلت (لم يحضر الطلاب إلا سعيد) جعلت (سعيدا) من الطلاب، وقد يكون حضر واحد أو أكثر من غير الطلاب مع سعيد، كالأساتذة أو البوابين، إلا أنه لم يحضر من الطلاب إلا سعيد. ولكن لو قلت (لم يحضر إلا سعيد) نفيت الحضور عن كل واحد إلا عن سعيد، فلم يحضر أحد من الناس إلا سعيد، ونحوه أن تقول (ما حضر الفائزون إلا محمدٌ)، فمحمدٌ وحده هو الحاضر من الفائزين، وقد يكون حضر معه غيره من غير الفائزين كالمشاهدين ولكن لو قلت (ما حضر إلا محمد) دل على أنه ل يحضر أحد البته إلا محمد.
وعلى هذا فرأي النحاة أن البدل على نية احلاله محل المبدل منه، وإن المبدل منه على نية السقوط، فيه نظر، فإن المعنى يختلف إذا ذكر المبدل منه، وإذا فرغ الاستثناء، وعلى ذلك فهذا الفرق غير وارد.
إن الفرق بين الاتباع والنصب من أوجه منها:
١ - إن الاتباع يدل حتما على أن المستثنى بعض من المستثنى منه، بخلاف النصب فإنه من المتحمل أن يكون بعضا منهم، وأن لا يكون فإنك إذا قلت (ما حضر الطلاب إلا سعيدٌ) بالرفع كان سعيد من الطلاب حتما، وإذ قلت (ما حضر الطلابُ إلا سعيدا) احتمل أن يكون (سعيد) من الطلاب، وأن لا يكون منهم، وذلك بأن يكون موظفا، أو بوابا فيكون منقطعا، وبهذا نعلم أن الاتباع يدل قطعا على أنه أنه إما متصل أما النصب فإنه تعبير احتمالي أي يحتمل الاتصال والانقطاع.
٢ - قد يراد بالنصب البعد عن المستثنى منه جنسا أو نوعا أو غيرهما، أو التبعيد عنه، أي تنزيله منزلة البعيد بخلاف الاتباع فإنه يراد به الالصاق، فإن أردت إبعاد محمد عن