للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ما خلا) فليس فيه إلا النصب لأن (ما) اسم، ولا تكون صلتها إلا الفعل هنا" (١).

فمن نصب بها من العرب أبقاها على فعليتها، ومن جر بها أجراها مجرى الحروف لجمودها ولا يستنكر أن تكون الكلمة الواحدة مرة فعلا، ومرة حرفا، ولا مرة اسما ومرة حرفا، مثل علي، وعن.

جاء في (المقتضب): " وقد تكون خلا حرف خفض فتقول: جاءني القوم خلا زيد. فإن قلت: فكيف يكون حرف خفض، وفعلا على لفظ واحد.

فإن ذلك كثير منه حاشا .. ومثل ذلك (على) تكون حرف خفض على حد قولك: (على زيد ردهم) وتكون فعلا نحو قولك: علا زيدٌ الدابة" (٢).

ويحتمل أن تكون مصدرا إذا جروا ما بدعها فإن قلت: ولم تحتمل أن تكون حرف استثناء إذا نصب ما بعدها؟

والجواب ذلك أنها لا يصح التفريغ بعدها، ولو كانت حرفا كـ (إلا) لصح التفريغ بعدها، فإنه يصح أن تقول (ما حضر إلا محمد) على أنه فاعل حضر، ولا يصح أن تقول (ما حضر خلا محمدٌ).

ونقول: (ما محمد إلا رسولٌ) على أنه خبر محمد، ولا يصح (ما محمد خلا رسول). وتدخل (إلا) على الفعل، قال تعالى: {وما تسقط من ورقة إلا يعلمها} [الأنعام: ٥٩]، ولا يصح خلا يعلمها.

وتقول: (ما كنت إلا أقوم بواجبي) ولا يصح في نحو ذلك (خلا)، ولو كانت حرفا لم يكن هناك مانع من ذلك، غير أنه لأنها فعل تعذر التفريغ، فيبقي الفعل الأول بلا فاعل ويقي المبتدأ بلا خبر وهكذا، وامتنع دخولها على الفعل أيضا.

وقد تسبقها (ما) المصدرية فينتصب ما بعدها، فتقول: (جاء القوم ما خلا محمدًا)،


(١) سيبويه ١/ ٣٧٧
(٢) المقتضب ٤/ ٤٢٦ وانظر ابن يعيش ٢/ ٧٧

<<  <  ج: ص:  >  >>