للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويكون معناها عند ذاك بمعنى الجر، إذا عددنا (خلا) مصدرًا وهو مما يقوي مصدريتها.

فقولك (جاء الرجال خلا محمد) معناه في الأصل: خلا مجيئهم من محمد، أو خلا الرجال من محمد، ثم ضمن معنى الاستثناء.

وقولك (جاء الرجال ما خلا محمدًا) معناه جاؤا خلوهم من محمد، ومعناه وقت خلوهم أو خالين من محمد، بمعنى الظرف، أو الحال (١). وفي هذين الظرف والحال معنى الاستثناء (٢).

وقولك (جاء الرجال خلا محمد) معناه جاؤا خلو محمد من المجيء، أو خلوهم من محمد إذا عددنا (خلا) مصدرا، وهذا معنى (جاء الرجال ما خلا محمد).

أما من ذهب إلى أنها حرف جر فقد تصور أن هذا اللفظة انمحت عنها كل دلالة على الفعلية، ولم يبق فيها إلا معنى الخلو، نظير قولك (محمد علا السطح)، و (محمد على السطح) فقد انحى من (على) كل معنى للفعلية، ولم يبق فيها إلا دلالة العلو، وكما تحول المنصوب بـ (علا) إلى المجرور بـ (على) تحول المنصوب بـ (خلا) الفعلية إلى مجرور بخلا الحرفية.

وينبني على القول بالفعلية والحرفية أمر آخر، وهو أن الكلام من النصب جملتان ومن الجر جملة واحدة، فقولك (جاء الرجال خلا محمدا) متألف من جملتين: الأولى (جاء الرجال) والثانية: (خلا محمدًا) وهي جملة حالية أو استئنافية.

وقولك (جاء الرجال خلا محمد) جملة واحدة، ومعنى ذلك أنك أنت أردت في حالة النصب الإخبار بجملتين: الأولى جاء الرجال، ثم بدا لك أن تخبر أخبارا أخرى، وهو (خلا محمدا) تكمل فيها المعنى، او أردت ان تخبر عن حالة مجيء الرجال، بأنه خال من محمد وهو إخبار واحد مقيد.


(١) انظر التصريح ١/ ٣٦٤، الأشموني ٢/ ١٦٤، ابن يعيش ٢/ ٧٨، المغنى ١/ ١٣٤
(٢) التصريح ١/ ٣٦٤

<<  <  ج: ص:  >  >>