للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فردًا) فهنا يمتنع التوكيد، لأنه لا يمكن أن يكون الطلاب فردا واحدا، وكذلك لو قلت (حفظت القصيدة بيتا بيتا) فإنه لا يمكن أن تكون القصيدة بيتا واحدا، وكذلك نحو (قرأت الكتاب كلمة كلمة) فإنه يمتنع أن تقول (قرأت الكتاب كلمة)، ولذلك كان هذا الاعراب فيه نظر وإنما هو بحسب المعنى، فقد يحتمل في بعض التعبيرات أن يكون توكيدا وربما لم يحتمل وكل له معنى.

وذهب بعضهم إلى أنها عطف بتقدير الفاء، أو ثم، فقولك (حضروا رجلا رجلا) معناه: حضروا رجلا فرجلا أو رجلا ثم رجلا (١)، جاء في (الهمع): " ولو ذهب ذاهب إلى أن النصب إنما هو بالعطف على تقدير حذف الفاء، أي رجلا فرجلا، وبابا فبابا لكان وجها حسنا عاريًا عن التكلف، لأن المعنى: ادخلوا رجلا بعد رجل، وعلمته الحساب بابًا بعد باب" (٢).

وأرى في هذا التقدير نظرًا أيضا، فالفاء تفيد الترتيب والتعقيب، و (ثم) تفيد الترتيب والتراخي، فقولك (حضروا رجلا فرجلا) معناه حضر الرجل بعد الآخر بلا مهلة، وإن قلت (ثم) كان المعنى حضر الرجل بعد الآخر وبين كل رجل وآخر مهلة، وهذا المعنى غير مراد، فإن العرب لو أرادت الترتيب والتعقيب لجاءت بالفاء، ولو أرادت التراخي لجاءت بثم، ولكنها أرادت أنهم دخلوا رجلا بعد الآخر، فقد يكون دخل بعضهم بعد الآخر بلا مهلة، وقد يكون دخل بعضهم بمهلة، فإن قدرت أحد الحرفين تعين أحد المعنيين.

وقد يعسر التقدير أحيانا، أو يمتنع، وذلك نحو (قرأت الكتاب كلمة كلمة) فإنه على تقدير الفاء، يكون المعنى أنك قرأت الكتاب كله كلمة بعد أخرى بلا مهلة حتى أنهيته. وقد يكون الكتاب كبيرا يستعرق شهورا، فإنه يعسر أن تكون قرأت الكتاب بلا مهلة، كلمة بعد كلمة حتى أنهيته.


(١) حاشية الخضري ١/ ٢١٣، وانظر الهمع ١/ ٢٣٨، الرضي على الكافية ١/ ٢٢٥
(٢) الهمع ١/ ٢٣٨

<<  <  ج: ص:  >  >>