للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتقدير (ثم) أبعد، إذ المعنى يكون على ذلك أنه قرأ كلمة، ثم جعل لنفسه مهلة ليقرأ بعدها كلمة أخرى، وهكذا فيكون تراخ بعد كل كلمة وهذا لا يكون، فإن قلت: قرأته حرفا حرفا كان أبعد، إذ المعنى على هذا أنك قرأت حرفا ثم تركت القراءة وعدت فيما بعد لتقرأ الحرف الثاي وهكذا، فإذا قرأت كلمة (طمأنينة) مثلا، قرأت الطاء أولا، ثم تركت القراءة وعدت فيما بعد لتقرأ الميم، حتى إذا قرأتها تركت القراءة وهكذا، حتى تنهى الكلمة وهذا ممتنع.

فإنه إذا صح تقدير الفاء، أو ثم في تعبير، فإنه لا يصح في تعبير آخر، ثم إن التقدير يقيد المعنى بنحو معين، ولما كانت العرب لا يريدون هذا النحو المعين، أطلقوا.

وذهب الجمهور إلى أن الكلمة الأولى حال أولي، والكلمة الثاني حال ثانية، قيل وهو المختار (١).

وهو ليس مختارا فيما أرى، وذلك أن في نحو قولك (أقبل محمد راكضا ضاحكا) حالين، ولكل حال معنى، يمكن أن يستغني الكلا بها، فراكضا حال، وضاحكا حال أخرى ولكن في نحو قولك (اقبلوا رجلا رجلا) لا يتم المعنى إلا بذكر الكلمتين معا، ولا تؤدي الكلمة وحدها معنى فإنه لا يصح أن تقول (أقبلوا رجلا) وتسكت.

والاختيار فيما نرى أن يكون مجموع الكلمتين حالا واحدة، لأن مجموع الكلمتين يفيد معنى الترتيب، وهذا اختيار أبي حيان وجماعة. جاء في (الهمع): " وقال أبو حيان: الذي أختاره، أن كليهما منصوب بالعامل السابق، لأن مجموعهما هو الحال لا أحدهما، ومتى اختلف بالوصفية أو غيرهما لم يكن له مدخل في الحالية، إذ الحالية مستفادة منهما فصارا يعطيان معنى الفرد، فأعطيا إعرابه وهو النصب" (٢).

ثم إن التركيب غير عزيز في اللغة، لا في المبنيات ولا في العربات، فمن المركب


(١) حاشية الخضري ١/ ٢١٣
(٢) الهمع ١/ ٢٣٧، التصريح ١/ ٣٧٠

<<  <  ج: ص:  >  >>