للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في منطقنا ومنطق العقل أنه إذا قطع الرأس فحسب، وبقيت الأعضاء سليمة على وضعها كانت إعادة الحياة إليه مستحيلة فكيف إذا تمزقت الأعضاء، وتهشمت العظام، ودق اللحم والعظم والريش، واختلطت أجزاء الطيور بعضها ببعض حتى أصبحت عجينة واحدة متماثلة؟

إن أعادة الحياة إلى هذه أعسر وأعسر، فهذه الحالة في أقصى حالات الهمود والسكون وآناها عن الحياة والحركة، ثم قال له: ادعهن، فإنهن يأتينك سعيا، أي يتحولن إلى سعي، يتحولن من أقصي الهمود إلى أقصى الحركة، ولم يقل (ساعيات)، أي لم يكن فيهن ما يثقلهن من عنصر المادة، ففي التعبير بالمصدر مبالغة لا تكون في الوصف.

ولذا يمنع النحاة قياس وقوع المصدر حالا، قالوا لأنه يلزم الاخبار بالمعنى عن الذات. قال ابن الناظم: "ومقتضى هذا أن لا يكون المصدر حالا، لئلا يلزم الاخبار بمعنى عن عين" (١).

والحق أنه إذا أراد المبالغة فلا مانع من ذلك، بل ينبغي أن يقوله في موطنه فهذا تعبير، والوصف تعبير آخر.

وقوع المصدر حالا تعبير مجازي، أما الوصف فهو تعبير حقيقي، وكلاهما مراد وله موطنه.

الثاني: التوسع في المعنى وذلك أنك إذا عبرت بالوصف فقد أردت معى واحدا فإذا قلت (جاء خالد ماشيا) كان (ماشيا) حالا، ليس غير، ولكن إذا عبرت بالمصدر اتسع المعنى، وكسبت أكثر من قصد وغرض، فقد تكسب معنى المصدرية والحالية، كقولك (اقبل راكضا) فهذا يحتمل المفعولية المطلقة، أي يركض ركضا أو اقبال ركض، أيا كان التقدير ويحتمل الحالية فقد كسبت معنيين: وأنت تريدهما معا، قال ابن القيم.


(١) ابن الناظم ١٣٢

<<  <  ج: ص:  >  >>