للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال ابن جني: تأويلها جاء زيد طالعة الشمس عند مجيئه، يعني فهي كالحال، والنعت السببين، كمررت بالدار قائمًا سكانها، وبرجل قائم غلمانه.

وقال ابن عمرون: وهي مؤولة بقولك مبكرا ونحوه.

وقال صدر الأفاضل تلميذ الزمخشري إنما الجملة مفعول معه، وأثبت مجيء المفعول معه جملة، وقال الزمخشري في تفسير قوله تعالى: {والبحر يمده من بعده سبعة أبحر} [لقمان: ٢٧]، في قراءة من رفع البحر، هو كقوله:

وقد اغتدى والطير في وكناتها ... بمنجرد قيد الأوابد هيكل

و(جئت والجيش مصطف)، ونحوهما من الأحوال التي حكمها حكم الظرف، فلذلك عريت عن ضمير ذي الحال" (١).

والتحقيق أن واو الحال تفيد الوقت كثيرا، وهي بمعنى (إذ) الظرفية غالبا، وايضاح ذلك أنك تقول: (ما بالك تركض)؟ و (ما بالك راكضا)؟

فأنت تسأل عن سبب ركضه، وتقول: (ما بالك وأنت تركض؟ ) فأنت تسأله عن شيء حدث له، وهو يركض كأنك قلت: ما بالك حين تركض؟

وتقول: (مالك تسكت؟ ) و (مالك ساكتا؟ ) فهذه سؤالان عن سبب سكوته

وتقول: مالك وأنت ساكت؟ فهذا السؤال عن شيء حدث له وهو ساكت كأنه قال: ما حصل لك حي كنت ساكتا؟

وتقول: (لماذا جئتنا هاربا؟ ) ولماذا جئتنا وأنت هارب؟ فالأولى سؤال عن سبب مجيئه هاربا، أي سؤال عن سبب الهرب، والثانية سؤال عن سبب المجيء مع أنه هارب، أي لماذا جئت وهذه حالك؟

وتقول: (كيف وصلت ليس لك مال؟ ) و (كيف وصلت وليس لك مال؟ ) فالأولى


(١) المغني ٢/ ٤٦٥ - ٤٦٦

<<  <  ج: ص:  >  >>