ومثله (هو المجرم مأخوذا بجرمه) والمجرم مشتق وهذه حال مؤكدة لمضمون الجملة وليست مبينة، لأنها لو كانت مبينة لكان معناه أنه إجرام حال كونه مأخوذا بجرمه، وهذا معنى بعيد.
ومثله (هو المسكين مرحوما) والمسكين مشتق (ومرحوما) حال مؤكدة، وذلك أن من لوزام المسكنة رحمة الناس، وإذا جعلت (المسكين) عاملا كان المعنى: هو الذي أصبح مسكينا في حال رحمة الناس له، وهذا لا يصح.
ونحوه (هو البائس مكروبا) و (الكاذب مبغوضا) و (هو الظالم مكروها) و (هو العادل محبوبا) و (هو الثمل خائر القوى) وهذه كلها أسماء مشتقة، والحال فيها مؤكدة لمضمون الجملة كما هو واضح.
كما أنه لا داعي لاشتراط التعريف، وإن قولهم (لا يؤكد إلا المعرفة) باطل، لأن هذا رأي البصريين في التوكيد المعنوي الذي هو تابع، نحو (أقبل محمد نفسه)، وهذا ليس منه فنحن نقول (ما ولي رجل منا مدبرا) فنكون قد اكدنا العامل وصاحب الحال نكرة، ولم يمنع التنكير من التوكيد، ونقول (قضيت ستة أيام كاملة) فـ (كاملة) تحتمل الحالية، وهي عند ذاك مؤكدة لصاحبها وهو نكرة.
كما أنه يصح توكيد النكرة توكيدا لفظيا نحو (حضر رجل رجل) ولم يمنعها التنكير من التوكيد.
والحق فيما نرى أنه يصح أن تقع الحال المؤكدة لمضمون الجملة بعد نكرة، وذلك نحو قولك (هو رجل صدق معلوما) و (خالد رجل سوء معروفا) و (محمد رجل عدل معروفا) فكل من (معلوما) و (معروفا) حال مؤكدة لمضمون الجملة، ورجل صدق ورجل سوء نكرتان لأنهما مضافتان إلى نكرة، و (رجل عدل) نكرة موصوفة، وهذه كلها تعبيرات فصيحة.