للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جاء في (كتاب سيبويه): " ومما ينتصب لأنه حال وقع فيه أمر قول العرب (هو رجل صدق معلوما ذاك) و (هو رجل صدق معروفا ذاك) و (هو رجل صدق بينا ذاك) كأنه قال: هذا رجل صدق معروفا صلاحه" (١).

فالأحوال في هذه الجمل مؤكدة لمضمون الجملة، كما هو واضح، مع أن أحد الجزءين نكرة. وليس من شأننا في هذا البحث النظر في العوامل، إلا بقدر ما يتعلق بالمعنى.

وعلى هذا ففي عامل هذه الحال الذي يقدره النحاة نظر من حيث المعنى، وذلك أن كثيرا من النحاة ذهبوا إلى أن عاملها محذوف وجوبا تقديره (أحقه)، فالعامل في قولك (محمد أخوك عطوفا) محذوفة تقديره (أحقه عطوفا) ومعنى أحقه، أثبته، وأعرفه، وهذا لا يصح لأن قولك (أعرفه عطوفا) معناه أعرفه في حال عطفه، وهذا المعنى غير مراد، لأنه لا معنى لقولك: محمد أخوك أعرفه في حالة عطفه، جاء في (شرح الرضي على الكافية): " واختلف في العامل في المؤكدة التي بعد الإسمية فقال سيبويه: العامل مقدر الجملة تقديره زيد أبوك أحقه عطوفا، يقال حققت الأمر أي تحققته وعرفته، أي أتحققه وأثبته عطوفا.

وفيه نظر إذ لا معنى لقولك تيقنت الأب وعرفته في حال كونه عطوفا، وإن أراد أن المعنى اعلمه عطوفا فهو مفعول ثان لاحال.

وقال الزجاجي: العامل هو الخبر لكوه مؤولا بمسمى نحو: أنا حاتم سخيا، وليس بشيء لأنه لم يكن سخيا وقت تسميته بحاتم، ولا يقصد القائل بهذا اللفظ هذا المعنى، وأيضا لا يطرد ذلك في نحو: {هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب} [هود: ٦٤]، وغير ذلك مما ليس الخبر فيه علمًا" (٢).

ولا داعي إلى تقدير عامل فيما نرى.


(١) سيبويه ١/ ٢٦٣
(٢) الرضي ١/ ٢٣٣

<<  <  ج: ص:  >  >>