للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ربما لا أكون مغاليا إذا قلت نحن لا نفهم اللغة كما ينبغي لأن أكثر دراستنا تتعلق بالعلاقات الظاهرة بين الكلمات أما المعنى فهو بعيد عن تناولنا وفهمنا. بل ربما لا أكون مغالبا إذا قلت أننا نجهل أكثر مما نعلم فيما نحسب أننا نعلم.

ومن هنا محتاجون إلى (فقه) للنحو يصل إلى درجة الضرورة. صحيح أن قسما من المسائل المتعلقة بالمعنى عرض لها علم النحو، وعلم البلاغة، لكن لا يزال كثير منها دون نظر. ومن ذلك على سبيل المثال، ما عرضته قبل قليل، فإن أكثر هذه المسائل لم تبحث لا في كتب النحو، ولا في كتب البلاغة، ولا في غيرها من كتب اللغة، في حدود ما أعلم.

قد تكون هناك شذرات، أو عبارات متناثرة، وردت عرضا في كتاب تفسير، أو في بحث اعجاز، أو في كتاب أدب، ولكن أكثر هذه المسائل بقيت بلا جواب.

أن دراسة النحو على أساس المعنى، علاوة على كونها ضرورة فوق كل ضرورة، تعطي هذا الموضوع نداوة وطراوة، وتكسبه جدة وطرافة، بخلاف ما هو عليه الآن من جفاف وقسوة.

إن الدارس له على هذا النهج، يشعر بلذة عظيمة وهو ينظر في التعبيرات ودلالتها المعنوية، ويشعر باعتزاز، بانتسابه إلى هذه اللغة الفنية، الثرية، الحافلة بالمعاني الدقيقة الجميلة، ثم هو بعد ذلك يحرص على هذه اللغة الدافقة بالحيوية، وهو وراء كل ذلك يحاول تطبيق هذه الأوجه في كلامه، ويشعر بمتعة في هذا التطبيق.

أن الجهل بالمعنى أدى إلى أن تختفي، وتموت ظواهر لغوية كانت شائعة مستعملة ومن ذلك على سبيل المثال، ظاهرة " القطع" الجميلة الدلالة، والتي كانت شائعة شيوعا كبيرا في الشعر، والنثر، في القرآن وغيره، وذلك نحو قولك" مررت بمحمد الكريم أو الكريم " واكتفى بالاتباع، علما بأن دلالة القطع، تختلف عن دلالة الاتباع، وإن دلالة القطع إلى الرفع تختلف عن دلالة القطع إلى النصب.

<<  <  ج: ص:  >  >>