للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن الأوجه النحوية ليست مجرد استكثار من تعبيرات لا طائل تحتها، كما يتصور بعضهم، وإن جوزا أكثر من وجه تعبيري ليس معناه أن هذه الأوجه ذات دلالة معنوية واحدة، وإن لك الحق أن تستعمل أيها تشاء كما تشاء وإنما لكل وجه دلالته فإذا أردت معنى ما لزمك إن تستعمل التعبير الذي يؤديه، ولا يمكن أن يؤدي تعبيران مختلفان معنى واحدا، إلا إذا كان ذلك لغة، نحو قولك" ما محمد حاضرا" و " ما محمد حاضر" فالأولى لغة حجازية، والثانية تميمية، ولا يترتب على هذا اختلاف في المعنى.

وفيما عدا ذلك لابد أن يكون لكل تعبير معنى، إذ كل عدول من تعبير إلى تعبير، لابد أن يصحبه عدول من معنى إلى معنى، بالأوجه التعبيرية المتعددة، إنما هي صور لأوجه معنوية متعددة.

إن هذا الكتاب محاولة في فقه النحو على النهج الذي اسلفته، إنه محاولة للتمييز بين التراكيب المختلفة وشرح معنى كل تركيب.

فهو إذن يدور على المعنى أساسا وبناء. وموضوع المعنى موضوع جليل، وحسبك من جلالته أن اللغة ما وجدت إلا للافصاح عنه.

إن تأليف أي كتاب في النحو، أيسر من موضوع هذا الكتاب بكثير، وذلك لأن الأحكام النحوية مذكورة مبينة في كتب النحو لا تكلفك إلا استخراجها، وجمعها في كتاب واحد على حسب الخطة التي تريدها.

وأما هذا الموضوع فليس الأمر فيه أمر جمع أحكام نحوية، ولا ذكر قواعد مبينة، وإنما هو تفسير للجملة العربية، وتبيين لمعاني التراكيب المختلفة، مما لا تجلو أغلبه في كتب النحو، وقد تفزع إلى كتب البلاغة والتفسير وغيرها من المظان، فلا تجد شيئا مما تريد.

فلابد من أن تضطلع بهذه المهمة أنت بنفسك تنظر في النصوص، وتدقق في الصور التعبيرية المختلفة، لاستباط المعاني للتعبيرات المختلفة، لقد أمضيت في هذا البحث أكثر من عشرة أعوام، وكان شغلى الشاغل في الليل والنهار أتأمل النصوص،

<<  <  ج: ص:  >  >>