للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن السائل في قوله تعالى: {سأل سائل بعذاب واقع} لم يأل عن العذاب وموعده كما سأل عن الساعة وعن الأنباء، وسبب نزول الآية أن النضر بن الحارث قال: {إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم} [الأنفال: ٣٢] (١). فأنزل الله تعالى: {سأل سائل بعذاب واقع} أي دعا بالعذاب لنفسه، وطلبه لها، ولم يسأل عن العذاب وموعده، فـ (سأل به) معناه (دعا به وطلبه) جاء في (الكشاف) في هذه الأية: " ضمن (سأل) معنى (دعا) فعدي تعديته كأنه قيل دعا داع بعذاب واقع من قولك: دعا بكذا إذا استدعاه وطلبه، ومنه قوله تعالى: {يدعون فيها بكل فاكهة} [الدخان: ٥٥] (٢).

وأما سأل عنه فمعناه بحث عنه، جاء في (الكشاف) في قوله تعالى: {الرحمن فسئل به خبيرا} [الفرقان: ٥٩]، " فسأل به كقوله اهتم به واعتني به واشتغل به، وسأل عنه كقلك بحث عنه وفتش عنه ونقر عنه" (٣).

وأما قوله تعالى: {الرحمن فسئل به خبيرا} فيحتمل ان المعنى فاسأل خبيرا به، أي سل " عنه رجلا عارفا يخبرك برحمته أو فسل رجلا خبيرا به وبرحمته" (٤).

وأما قوله تعالى: {يسعى نورهم بين أيدهم وبأيمانهم} فليس على معنى المجاوزة والله أعلم لأن معنى (عن ايمانهم) مبتعد عن أيمانهم، وليس هناك دليل عليه في هذه الآية، بل الأقرب أن النور قريب من اليمين أو مختلط باليمين، لا مبتعد عنها، كما في قوله تعالى: {وما تلك بيمينك يا موسى} [طه: ١٧].

وأما قوله تعالى: {ويوم تشقق السماء بالغمم} [الفرقان: ٢٥]، فليس على المجاوزة أيضا والله أعلم، فإن هناك فرقا بين قولك (انشقت التربة عن النبتة) و (انشقت التربة بالنبتة)


(١) الكشاف ٣/ ٢٦٧
(٢) الكشاف ٣/ ٢٦٧
(٣) الكشاف ٢/ ٤١٣
(٤) الكشاف ٢/ ٤١٣

<<  <  ج: ص:  >  >>