للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبقية الخلق، أما قوله: (وقد أحسن بي) فإن فيه إحسانا خالصا ألصق من الأول إذ أخرجه من السجن وبوأه مكانة عالية وجاء إليه بأهله وما إلى ذلك من العناية الربانية واللطف. وتأتي للقسم قال تعالى: {فلا أقسم بمواقع النجوم} [الواقعة: ٧٥]، وللقسم موضع خاص به نبحثه فيه بإذن الله.

وتأتي للتجرد نحو قولهم (رأيت بمحمدٍ أسدًا) قالوا: أي برؤيته (١).

جاء في (جواهر الأدب) أن الباء تأتي للتجريد وهي التي تثبت لمدخولها صفة عظيمة، أما مدخا أو ذما نحو (لقتي بزيد بحرا) وبعمرو أسدًا وبخالد سفيها، ومنه قوله:

لقيت به يوم العريكة فارسا ... على أدهم كالليل صبحه الفجر

كأن الباء تجرد مصحوبها عن غير هذه الصفة، مثبتة لها إياها كأنه منطبع، ومنجبل عليها أي ليست صفته إلا البحرية في الجود، والفروسية في الشجاعة " (٢).

وفي (شرح الدماميني على المغنى): أن في باء التجريد قولين أحدهما أنها للسبية كما قال المصنف فجردت من زيد أسدًا مبالغة في كمال شجاعته، حيث بلغ أن ينتزع منه أسد .. والثاني أنها للظرفية، أي لقيت في زيد الأسد كذا قال الشيخ بهاء الدين السبكي قلت وقد عدوا مثل قوله:

وشوهاء تعدو بي إلى صارخ الوغي ... بمستلئم مثل العتيق المرجل

من التجريد والباء فيه للمصاحبة. (٣).

وكونها للظرفية أظهر فيما يبدو لي، وذلك أن قولك (رأيت بخالد أسدًا) معناه حل به أسد، كما تقول حل بالمكان ونزل به، فقد جردت خالدًا من شخصه وجعلت بدله أسدًا، وهي على معنى الالصاق.


(١) شرح الرضي على الكافية ٢/ ٣٦٣
(٢) جواهر الأدب ١٩
(٣) شرح الدماميني على المغني ١/ ٢١٦

<<  <  ج: ص:  >  >>