ما يصح عطفه عليها فالعطف تكلف ظاهر، ثم إنه لا يصح العطف على كلام مقدر ليس عليه دليل، فلا يصح أن تقول ابتداء (ولا أعود) على تقدير (سأسافر ولا أعود).
وأما قول الرضي أنها إن لم تكن في أول القصيدة فكونها للعطف ظاهر، فليس الأمر فيه كذلك، بل قد يؤتى بها في أثناء القصيدة وليس هناك أثر للعطف كقوله:
وبيضة خدر لا يرام خباؤها ... تمتعت من لهو بها غير معجل
فهذا ليس معطوفا على كلام سابق، وهو مما يؤيد ما ذهبنا إليه، ولو كانت لم تقع في أثناء القصيدة، إلا معطوفة على كلام فيه (رب) لكان لهم فيه حجة.
أما قولهم أنها لو لم تكن عاطفة لجاز دخول حرف العطف عليها كواو القسم، فنحن نقول ووالله، وفوالله، وثم والله فهذا مردود، فإن ثمة أكثر من واو لا تدخل عليها حروف العطف، مع أنها ليست عاطفة، منها واو الاستئناف، كقوله تعالى:{ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين}[آل عمران: ٨٥]، وكقولك (بضاعتك رديئة وهي عليك مردودة) وواو الاعتراض كقوله:
إن الثمانين وبلغتها ... قد أحوجت سمعي إلى ترجمان.
وواو المعية في نحو (سرت والجدار)، وواو الحال (نحو رأيتك وأنت مسرع) فهي إذن حرف خاص ذو دلالة معينة، يختلف عن حرف العطف، وعن (رب) وليس بمعنى واحد منهما كما ذكرنا.
٦ - قد يكون فيها معنى التعجب، والتفخيم، كما ذهب إليه قسم من النحويين كقوله:
وليل يقول الناس من ظلماته ... سواء صحيحات العيون وعورها
وقوله:
وليلة نحس يصطلي القوس ربها ... وأقطعه اللاتي بها يتنبل
إن هذه الواو تعطي الجملة معنى لا يؤدي بالحذف فلو حذفت الواو من قوله:
وصدر أراح الليل عازب همه ... تداعي عليه الهم من كل جانب