للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[المطففين: ٢] (١). وقيل بل هو متضمن معنى التسلط على الناس والتحكم، أي تسلطوا عليهم بالاكتيال (٢).

والظاهر أنه هو الصواب، لأن هناك فرقا بين قولك: اكتال منه، واكتال عليه، فاكتال منه لا يفيد أنه ظلمه حقه، وهضمه ماله، بخلاف اكتال عليه، فإن فيه معنى التسلط والاستعلاء وهذا في المطففين قال تعالى: {ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون} [المطففين: ١ - ٣]، فهم إذا أخذوا منهم، اخذوا أكثر من حقهم، وإذا أعطوهم أعطوهم أقل من حقهم، ففيه إذن معنى التحكم، والجور، والظلم، وهو أبلغ من (من) ها، وليست بمعنى (من) ولا تفيد (من) هذا المعنى.

ثم انظر إلى التعبير اللطيف الآخر بعده، وهو قوله: (وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون) ولم يقل كالوا لهم أو وزنوا لهم، وكلاهما جائز، ولكن في حذف اللام معنى لا يؤديه ذكره قالوا، وذلك أن اللام تفيد الاستحقاق، وهم لم يعطوهم حقهم فحذف اللام الدالة على الاستحقاق إشارة إلى أنهم منعوهم حقوقهم.

وتأتي للاستدراك والاضراب كقولك: فلان لا يدخل الجنة لسوء صنيعه على أنه لا ييأس من رحمة الله .. وقوله:

بكل تداوينا فلم يشف ما بنا ... على أن قرب الدار خير من البعد

ثم قال:

علي أن قرب الدار ليس بنافع ... إذا كان من تهواه ليس بذي ود (٣).

وتأتي اسما بمعنى فوق إذا دخلت عليها (من) كقولك سقط من على السطح


(١) المغني ١/ ١٤٥
(٢) انظر شرح الدماميني على المغنى ١/ ٢٨٩
(٣) المغنى ١/ ١٤٥

<<  <  ج: ص:  >  >>