للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتقول (جلس عن يمينه) بمعنى جلس مبتعدا عن بدنه من جهة اليمين، أي لم يلتصق ببدنه جاء في (الكتاب): "وتقول جلس عن يمينه فجعله متراخيا عن بدنه وجعله في المكان الذي بحيال يمينه (١).

ويحتمل قولنا (جلس عن يمينه) معنى آخر فقد تقول (جلس يمينه) و (جلس عن يمينه) فقولنا (جلس يمينه) بمعنى جلس في جهة اليمين، وأما جلس عن يمينه فيحتمل أن يكون معناه أنه منحرف عن جهة اليمين، فلو قعد جماعة كل منهم عن جهة اليمين كان الجلوس قوسا أو منحرفا إلى جهة أخرى، ولو قلت (جلسوا يمينه) لكان المعنى أنهم جلسوا في خط مستقيم من جهة اليمين.

جاء في (الكتاب): " وأما عن، فلما عدا الشيء، وذلك قولك:

أطعمه عن جوع، جعل الجوع منصرفا تاركا له، قد جاوزه، وقال قد سقاه عن العيمة وكساه عن العري، جعلهما قد تراخيا عنه .. وتقول أخذت عنه حديثا أي عدا منه إلى حديث. وقد تقع (من) موقعها أيضا تقول: أطعمه من جوع، وكساه من عري، وسقاه من العيمة" (٢).

والحق أن المعنى مختلف، بين قولك أطعمه عن جوع وأطعمه من جوع، فقولك (أطعمه عن جوع)، بمعنى أبعد الجوع عنه بالطعام، وقولك كساه من عري معناه أبعد العري عنه بالكسوة، وأما قولك (أطعمه من جوع) فمعناه أن ابتداء الأطعام كان من الجوع جاء في (شرح ابن يعيش): وتقول (أطعمه من جوع، وعن جوع) فإذا جئت بـ (من) كانت لابتداء الغاية، لأن الجوع ابتداء الاطعام، وإذا جئت بـ (عن) فالمعنى أن الاطعام صرف الجوع لأن (عن) لما عدا الشيء" (٣).


(١) كتاب سيبويه ٢/ ٣٠٨، وانظر التفسير الكبير للرازي ١٤/ ٤٢، قوله تعالى: {وعن أيمانهم وعن شمائلهم}.
(٢) كتاب سيبويه ٢/ ٣٠٨
(٣) شرح ابن يعيش ٨/ ٤١ - ٤٢

<<  <  ج: ص:  >  >>