ولا يقال إن ذلك يثبت المثل فإننا نقول في كلامنا (ليس كمثل خالد رجل) على معنى لا يشبهه رجل، ولو كان ذلك يثبت المثل، لكان قولنا متناقضا، كما قال أبو هلال العسكري لأن خالدا مثل من يشبهه، فكيف ننفي وجود مثله وهو موجود؟
وإنما الأمر كما ذكرنا والله أعلم، أراد بذلك نفي الشبه من جميع الوجوه، ولو كان من وجه بعيد.
وأما قول الرضي إنه يحكم بزيادتها عند دخولها على (مثل) أو دخول (مثل) عليها فليس الأمر فيه كما ذكر، وإنما هو لقصد تبعيد المشبه عن المشبه به.
ونحوه ما ذكر في قول الشاعر (فأصبحوا مثل كعصف مأكول) فإن الكاف فيهل يست زائدة، وإنما تشبيه بمشبه وإيضاح ذلك - إذا لم نقل إنه جاء بالكاف ومثل لإقامة الوزن - أنه لم يرد أن يقول (فأصبحوا مثل عصف مأكول) وإنما يريد أن يشبههم بحالة من شبه بالعصف المأكول، وهم أصحاب الفيل، فأصحاب الفيل كما أخبر ربنا جعلهم كعصف مأكول، وحالة هؤلاء الذين ذكرهم الشاعر أصبحت كحالة أولئك فقال (مثل كصعف مأكول).
وجعلوا من زيادتها قول الشاعر (لواحق الأقراب فيها كالمقق)(١).
والمقق هو الطول لأنا نقول فيها طول ولا نقول: فيها كالطول، وهذه الزيادة سماعية عند النحاة. والذي أراه أنها ليست زائدة بل هي على معناها أيضا، ونحن نستعمل هذا في لغتنا الدارجة فنقول: هذا القميص بيه مثل الطول وأرى بيه مثل القصر، والمعنى أنه ليس فيه طول واضح أو قصر واضح، وإنما هو كأنما فيه طول.