للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال: {فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم} [النساء: ١٠٣]، وقال: {فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم} فقد القيام في حالة العافية، ثم القعود ثم الاضطجاع، على الجنب فخالف بين حالتي الضر والعافية، فقدم الجنب في حالة الضر وآخر القيام، وقدم القيام في حالة العافية وأخر الاضطجاع على الجنب.

وجاء باللام الدالة على الاختصاص في حالة الضر، بمعنى ملازما لجنبه، وجاء بـ (على) الدالة على الاستعلاء في حالة العافية بمعنى مضطجع على جنبه.

وبمعنى (في) نحو قوله تعالى: {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} [الأنبياء: ٤٧]، والراجح أنها للتعليل، أي لأجل ذلك اليوم او للاختصاص، ونحو قولهم (مضى لسبيله) (١). قالوا: أي في سبيله.

ويبدو أن هناك فرقا بين قولنا: مضى لسبيله ومضى في سبيله، فإن قولك مضيت في سبيل وامضى في سبيلك معناه سر في الطريق التي أنت سائر فيها. وأما قولك (امض لسبيلك) فمعناه: امض للطريق التي تريدها كما تقول: اذهب، له وامض لعملك أي لأجله.

وبمعنى (عند) كقولهم (كتبته لخمس خلون) (٢). أي عند خمس وهي ليست كذلك إذ إنه لم يكتبها عند هذه الخمس بل عند مضيها وقيل هي بمعنى بعد (٣).

وهو أولى، غير أن هناك فرقا بين قولك (لخمس خلون) و (بعد خمس) فقولك بعد خمس لا يتعين فيه أنه اليوم السادس، بل ما بعد الخمس يحتمل السادس والسابع والعاشر وغيرهن، لأن ذلك كله بعد كما تقول: تعال بعد منتصف الشهر، وتعالى بعد العيد، وتعال بعد رمضان. كل ذلك يحتمل المباشرة وغيرها. فنحن نقول (محمد بعد عيسى) وبينهما قرون.


(١) المغني ١/ ٢١٢ - ٢١٣
(٢) المغني ١/ ٢١٣
(٣) شرح الرضي ٢/ ٣٦٥

<<  <  ج: ص:  >  >>