للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما قوله (يخرون للأذقان) فليس المعنى - والله أعلم - على الأذقان لأن هناك فرقًا بين قولك خر على وجهه وخر لوجهه، فخر على وجهه معناه سقط على وجهه، وأما خر لذقنه فمعناه: أنه خر حتى بلغ في ذلك الذقن. أو الاختصاص، أي: حتى خص ذقنه بذلك.

وقوله: (وإن اسأتم فلها) معناه أنكم تسيئوا لأحد وإنما أساءتكم أي خصصتم أنفسكم بالإساءة، جاء في (الكشاف) في تفسير هذه الآية: أي الإحسان والإساءة كلاهما مختص بأنفسكم لا يتعدي النفع والضرر إلى غيركم. وعن على رضي الله عنه: ما أحسنت إلى أحد ولا أسأت إليه وتلاها (١).

ومنه قوله تعالى: {دعانا لجنبه} [يونس: ١٢]، قالوا بمعنى على جنبه.

ولا ارى أنها بمعنى (على) بل هي للاختصاص، وإيضاح ذلك أن (على) وردت في القرآن مع الجنب مرتين قال تعالى: {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب الذين يذكرون الله قياا وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض} [آل عمران: ١٩٠ - ١٩١].

وقال: {فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة} [النساء: ١٠٣]، فجاء بلفظ (على) في هاتين الآيتين.

وجاء باللام في هذه الآية: {وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائمًا} [يونس: ١٢].

وسر ذلك والله أعلم، أنه إذا مس الإنسان الضر دعا ربه ملازما لجنبه، أو قاعدا أو قائمًا، فإن الإنسان إذا مسه الضر أكثر ما يلازم جنبه، ثم القعود، ثم القيام، فذكر هذه الحالات بحسب الترتيب فقال (لجنبه او قاعدا أو قائمًا) في حين آخر ذكر الجنب في غير هؤلاء فقال {الذين يذكرن الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم} [آل عمران: ١٩١]،


(١) الكشاف ٢/ ٢٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>