للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و (من) تستعمل فيما هو أعم من ذلك، إذ تستعمل للابتداء عموما، سواء كان الحدث ممتدا أم لا، نحو: (اشتريت الكتاب من خالد) فخالد مبتدأ الشراء، وهو ليس حدثا ممتدا، ونحو (أخرجت الدراهم من الكيس) و (أخذت الكتاب من المنضدة) و (شربت الماء من الكأس) و (رأيت الهلال من داري)، و (سمعت صوتك من داخل غرفتي).

فهذه كلها لا تفيد ابتداء الغاية، بل تفيد ابتداء وقوع الحدث، فإن الحدث ليس ممتدا كالاسراء والمجيء ونحوهما.

وعند سيبويه والبصريين أنها لا تكون لابتداء غاية الزمان، فلا يصح أن تقول: (سافرت من يوم الخميس) وعند الكوفيين وجماعة أنها تكون لابتداء غاية الزمان، وغيره واستدلوا بقوله تعالى: {لمسجد أسس على التقوى من أول يوم} [التوبة: ١٠٨] (١).

وفي الحديث (فمطرنا من الجمعة إلى الجمعة) (٢). والبصريون يتأولون ذلك. والأرجح أنها تكون للزمان وغيره، جاء في (شرح الرضي على الكافية)، و (من) للابتداء في غير الزمان عند البصرية. . وأجاز الكوفيون استعمالها في الزمان أيضا استدلالا بقوله تعالى: {من أول يوم}، وقوله تعالى: {نودي للصلاة من يوم الجمعة} [الجمعة: ٩]، وقوله:

لمن الديار بقنة الحجر ... أقوين من حجج ومن شهر

وأنا لا أرى في الآيتين معنى الابتداء، إذ المقصود من معنى الابتداء في (من) أن يكون الفعل المتعدى بـ (من) الابتدائية شيئا ممتدا كالسير والمشي ونحوهن ويكون المجرور بـ (من) الشيء الذي منه ابتداء ذلك الفعل نحو: سرت من البصرة، ويكون الفعل المتعدي بها أصلا للشي الممتد، نحو (بدأت من فلان إلى فلان) وكذا خرجت من الدار، لأن الخروج ليس شيئا ممتدا إذ يقال (خرجت من الدار) إذا انفصلت منها،


(١) شرح الرضي ٢/ ٣٥٥، شرح ابن يعيش ٨/ ١٠
(٢) التصريح ٢/ ٨

<<  <  ج: ص:  >  >>