للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولذا يصح أن تقول: ما جاءني رجل بل رجلان، ويمتنع أن تقول ما جاءني من رجل بل رجلان. (١).

وهي عند سيبويه كأنها مأخوذة من معنى التبعيض قال: " وقد تدخل في موضع لو لم تدخل فيه كان الكلام مستقيما، ولكنها توكيد بمنزلة (ما)، إلا أنها تجر لأنها حرف إضافة وذلك قولك (ما أتاني من رجل) و (ما رأيت من أحد) لو أخرجت (من) كان الكلام حسنا ولكنه أكد بمن لأن هذا موضع تبعيض فأراد أنه لم يأته بعض الرجال والناس (٢).

وذهب بعضهم إلى أنها في هذا المعنى للابتداء، جاء في (شرح ابن يعيش): " وأما زيادتها لاستغراق الجنس في قولك (ما جاءني من رجل) فإنما جعلت الرجل ابتداء غاية نفي المجيء إلى آخر الرجال، ومن ههنا دخلها معنى استغراق الجنس (٣).

وذهب بعضهم إلى أنها ليست زائدة، لأنها تفيد معنى وهو الاستغراق (٤).

وعلى كل، فإن الذين يقولون بزيادتها، والذين لا يقولولن بها، متفقون على أنها تفيد معنى الاستغراق والتوكيد، فإن معنى الزيادة عندهم دخولها على مجرور يطلبه العامل بدونها (٥). فقولك (ما جاءني من رجل) دخلت فيه على الفاعل، وقولك (هل من خالق غير الله يرزقكم) [فاطر: ٣]، دخلت فيه على المبتدأ وليست زائدة في المعنى.

ولزيادتها شروط هي:

١ - أن يتقدم عليها نفي أو شبهه، وشبه النفي هو النهي والاستفهام، كقوله تعالى: {وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء} [يونس: ٦١]،


(١) المغني ١/ ٣٢٢
(٢) كتابه سيبويه ٢/ ٣٠٧
(٣) شرح ابن يعيش ٨/ ١٣
(٤) انظر المقتضب ١/ ٤٥
(٥) التصريح ٢/ ٨

<<  <  ج: ص:  >  >>