للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تعالى: {بل لعنهم الله بكفرهم} [البقرة: ٨٨]، فاللعنة مقابل الكفر، وقال: {ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون} [البقرة: ١٠] فالعذاب مقابل كذبهم، وقال: {سنلقى في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله} [آل عمران: ١٥٥]، أي مقابل ذلك، وقال: {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس} [يوم: ٤١]، فإن ظهور الفساد مقابل ما فعله الناس.

وليست اللام كذلك، فإن اللام تفيد سبب حدوث الفعل، وليست مقابلا لشيء حصل فأنت تقول: (جئت للاستفادة) فالاستفادة ليست مقابل شيء، وتقول: (أرسلته لاختباره) فالاختبار ليس مقابلا لشيء، وإنما ذكرت سبب المجيء والإرسال، وتقول: (أرسلته لتجربته) و (أرسلته بتجربته) فقد أفادت الأولى أنه أرسله ليجربه، والثانية أرسله لأنه مجرب أي مقابل تجربته التي حدثت قبل إرساله.

إن التعليل باللام يختلف عن التعليل بالباء، وذلك إن العلة المقترنة بالباء تكون حاصلة قبل حدوث الفعل في الغالب، وإن الفعل حصل مقابلا لها، أما العلة المقترنة باللام فقد تكون حاصلة قبل الفعل، وقد تكون مرادا تحصيلها، قال تعالى: {بل لعنهم الله بكفرهم} [البقرة: ٨٨]، فاللعن مقابل الكفر، والكفر حاصل قبل اللعن، وتقول: (جئت للاطلاع) فالاطلاع غير حاصل في أثناء المجيء وإنما يطلب تحصيله، وتقول (جئت لمعالجة فلان) فالمعالجة هي السبب الداعي للمجئ وهي غير حاصلة في أثناء المجيء، بل يراد تحصيلها، وقد يكون السبب موجودًا وهو الدافع للفعل، كقولك (عاقبته لاسائته إلى فلان) و (رسب لاهماله) فالإساءة هي سبب العقوبة وهي موجودة قبل العقاب، وكذلك الاهمال.

ولذا لا يصح تعاقب الحرفين دوما. قال تعالى: {وأقم الصلاة لذكري} [طه: ١٤]، ولا تقول بذكري، وقال: {إنما نطعمكم لوجه الله} [الإنسان: ٩]، ولا تقول بوجه الله، وقال {ينبت لكم به الزرع والزيتون} [النحل: ١١]، ولا تقول: (ينبت بكم به الزرع).

إن التعليل بالباء يفيد المقابلة، والثمن، بخلاف اللام التي تفيد الاختصاص والاستحقاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>