للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولذلك يكثر وصل نون التوكيد بالفعل بعدها، ونحو: {أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} [الإسراء: ١١٠]، وكزيادتها بعد الأحرف المشبهة بالفعل، إذا لم تكن كافة نحو (ليتما محمد معنا)، جاء في (كتاب سيبويه): وتكون وتوكيد لغوا وذلك قوله (متى ما تأتني آتك) وقولك: (غضبت من غير ما جرم) وقال عز وجل: {فبما نقضهم ميثاقهم} فهو لغو في إنها لم تحدث إذا جاءت شيئا، لم يكن قبل أن تجيء العمل، وهي توكيد للكلام (١).

وذهب الزمخشري في (الكشاف) إلى أنها تفيد القصر زيادة على معنى التوكيد فقد جاء فيه في قوله تعالى: {فبما رحمة من الله لنت لهم} [آل عمران: ١٥٩].

ما: مزيدة للتوكيد والدلالة على أن لينه لهم ما كان إلا برحمة الله ونحوه: (فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم) (٢).

وجاء في قوله تعالى: {مما خطيئاتهم أغرقوا} [نوح: ٢٥]: " لبيان ان لم يكن أغراقهم بالطوفان فادخالهم النار إلا من أجل خطيئاتهم وأكد هذا المعنى بزيادة (ما) (٣).

وذهب هذا المذهب جماعة، منهم ابن القيم، فقد جاء في (بدائع الفوائد): " قول (فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم) أي ما لعناهم إلا بنقضهم ميثاقهم، ونحو: (فبما رحمة من الله لنت لهم) أي: ما لنت لهم إلا برحمة من الله. ولا تسمع قول من يقول من النحاة أن ما زائدة في هذا الموضع فإنه صادر عن عدم تأمل.

فإذا عرفت أن زيادتها مع إن واتصالها بها اقتضى هذا النفي والإيجاب، فانقل هذا المعنى إلى اتصالها بحرف الجر مع قوله تعالى: {فبما رحمة من لله لنت لهم} و (فبما نقضهم ميثاقهم) وتأمل كيف تجد الفرق بين هذا التركيب، وبين أن يقال (فبرحمة من الله).


(١) كتاب سيبويه ٢/ ٣٠٥
(٢) الكشاف ١/ ٣٥٧، وانظر ١/ ٤٣٥
(٣) الكشاف ٣/ ٢٣٧

<<  <  ج: ص:  >  >>