للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومثله: {يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم} [الممتحنة: ١]، وهي كالآية السابقة. وقد تقول أنه يصح أن أقول: (أتقتلون رجلا لأن يقول ربي الله)، للمعنى نفسه أو قريب منه، فأقول أن ذكر (أن) يؤدي معنى لا يؤديه حذفها، وإبدال غيرها بها، فاللام عندهم على تقدير (أن) ومع ذلك إذا حذفت (أن) وجئت باللام تغير المعنى، في نحو هذا، فذكر (أن يفيد نوعا من التعليل لا يؤديه حذفها.

وهي تستعمل للتعليل مع الفعل الماضي بدلا من (كي) أو اللام، لأن هذين الحرفين لا يباشران الفعل الماضي، وذلك نحو {أفنضرب عنكم الذكر صفحًا أن كنتم قومًا مسرفين} [الزخرف: ٥]، والنحاة يقدرون اللام في نحو هذا.

وجاء في (المقتضب) أنها تكون علة لوقوع الشيء (١).

والخلاصة أنها استعملت في التعليل كثيرًا، في الماضي، والمضارع من دون حرف يفيد العلة، ثم إن التلعيل بها قد يختلف عن التعليل بـ (كي) واللام.

وهذا من ناحية التعليل.

وأما من ناحية الزمن فإنها تصرفه لزمن الاستقبال غالبا، وذلك نحو: قوله تعالى {أم تريدون أن تسئلوا رسولكم كما سئل موسى من قبل} [البقرة: ١٠٨]، فالسؤال مستقبل، ونحو قوله: {وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقوه} [الأنعام: ٢٥]، وهذا ليس للتنصيص على الاستقبال بل يشمل الحال أيضا، وكقوله تعالى: {تولوا وأعينهم تفيض من الدع حزنًا ألا يجدوا ما ينفقون} [التوبة: ٩٢] وهم لا يجدون ما ينفقون في الحال، ونحوه، قوله: {فلعلك تارك بعض ما يوحي إليك وضائق به صدرك أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز} [هود: ١٢]، فـ (أن يقولوا) ليس تنصيصا على الاستقبال، بل هو يفيد الحال، وما قبل الحال أيضا، لأن هذا القول صدر منهم قبل نزول الآية.

وكقوله تعالى: {وألقي في الأرض رواسي أن تميد بكم} [النحل: ١٥]، فقوله (أن تميد) غير متخصص بالاستقبال، بل هو يشمل الزمان المتطاول الممتد من قبل خلق الإنسان على الأرض إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وقوله: {الذين أخرجوا من


(١) المقتضب ٣/ ٢١٤

<<  <  ج: ص:  >  >>